للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتأويلُ الكلامِ إذن: ومَن يَسْتَبْدِلْ بالإيمانِ باللهِ وبرسولِه الكفرَ، فيَرْتَدَّ عن دينِه، فقد جار عن منهجِ الطريقِ ووسَطِه الواضحِ المسبولِ.

وهذا القولُ ظاهرُه الخبرُ عن زوالِ المُسْتبدِل بالإيمانِ الكفرَ عن الطريقِ، والمعنىُّ به الخبرُ عنه أنه قد ترَك دينَ اللهِ الذى ارْتَضَاه لعبادِه، وجعَله لهم طريقًا يَسْلُكونه إلى رضاه، وسبيلًا (١) يَرْكَبونها إلى محبَّتِه والفوزِ بجِنانِه. فجعَل جلَّ ثناؤه الطريقَ -الذى إذا ركِب مَحَجَّتَه السائرُ فيه، ولزِم وَسَطَه المجتازُ فيه، نجا وبلَغ حاجتَه، وأدرك طَلِبَتَه- لدِينِه الذى دعا إليه عبادَه مَثَلًا لإدراكِهم -بلزومِه واتِّباعِه- إدْراكَ (٢) طَلِباتِهم فى آخرتِهم، كالذى يُدْرِكُ اللازمُ محجَّةَ السبيلِ -بلزومِه إيَّاها- طَلِبَتَه مِن النجاةِ منها، والوصولِ إلى الموضعِ الذى أمَّه وقصَده. وجعَل مثَلَ الجائرِ (٣) عن دِينِه، والحائدِ عن اتِّباعِ ما دعا (٤) إليه مِن عبادِه (٥) فى خَيْبَتِه (٦) ما رجا أن يُدْرِكَه بعمَلِه فى آخرتِه، وينالَ به فى مَعَادِه وذهابِه، عمَّا أمَّل مِن ثوابِ عملِه، وبُعْدِه به مِن ربِّه -مثلَ الجائرِ (٣) عن منهجِ الطريقِ، وقصدِ السبيلِ، الذى لا يزدادُ وُغُولًا فى الوجهِ الذى سلَكه، إلَّا ازدادَ مِن موضعِ حاجتِه بُعْدًا، وعن المكانِ الذى أمَّه وأرادَه نَأيًا.

وهذه السبيلُ التى أخبَرَ اللهُ عنها، أن مَن يَتَبَدَّلِ الكفرَ بالإيمانِ فقد ضلَّ


(١) فى ت ١، ت ٢، ت ٣: "سبلا".
(٢) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "إدراكهم".
(٣) فى م: "الحائد".
(٤) فى م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "دعاه".
(٥) فى م: "عبادته".
(٦) فى م: "حياته".