للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السديِّ في قوله: ﴿بَيْضَاءَ﴾. قال السديُّ: في قراءة عبدِ اللهِ: (صفراء) (١).

وقولُه: ﴿لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ﴾. يقولُ: هذه الخمر لذةٌ يَلْتَذُّ بها شاربوها.

وقولُه: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾. يقولُ: لا فى هذه الخمرِ غَوْلٌ، وهو أَن تَغْتَالَ عقولهم. يقولُ: لا تَذْهَبُ هذه الخمرُ بعقول شاربيها كما تَذْهَبُ بها خمورُ أهل الدنيا إذا شربوها فأكثروا منها، كما قال الشاعرُ (٢):

وما زالت الكأسُ تَغْتالُنا (٣) … وتَذْهَبُ بالأَوَّلِ الأوَّلِ

والعربُ تقولُ: ليس فيها غيلَةٌ وغائلةٌ وغَولٌ. بمعنًى واحدٍ. ورُفع "غَوْلٌ" ولم يُنْصَبْ بـ "لا"؛ لدخول حرفِ الصفةِ بينها وبينَ الغَول، وكذلك تَفْعَلُ العربُ في التبرئة، إذا حالت بين "لا" والاسمِ بحرفٍ من حروفِ الصفاتِ، رفعوا الاسمَ ولم يَنْصِبوه. وقد يَحْتَمِلُ قولُه: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾. أن يكونَ مَعْنِيًّا به: ليس فيها ما يُؤْذيهم من مكروهٍ. وذلك أن العرب تقولُ للرجل يُصابُ بأمرٍ مكروهٍ، أو يُنالُ بداهيةٍ عظيمةٍ: غال فلانًا غُولٌ.

وقد اختلَف أهلُ التأويلِ فى تأويلِ ذلك؛ فقال بعضهم: معناه: ليس فيها صداعٌ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى علىٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿لَا فِيهَا غَوْلٌ﴾. يقولُ: ليس فيها صُداعٌ (٤).


(١) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧٤ إلى المصنف.
(٢) البيت فى مجاز القرآن لأبي عبيدة ٢/ ١٦٩، واللسان مادة (غ و ل)، غير منسوب.
(٣) في ت ١: "تغتالها".
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم -كما في الإتقان ٢/ ٣٩ - والبيهقي في البعث (٣٥٧) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧٤ إلى ابن المنذر.