للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجهِ المصدرِ الذى يأتى خارجًا من معنى الكلامِ الذى يخالفُ لفظُه لفظَ المصدرِ، كقولِ القائلِ لغيرِه: تمنَّيْتُ لك ما تمنَّيْتُ من السوءِ حسَدًا منى لك. فيكونُ الحسَدُ مصدرًا مِن معنى قولِه: تمنَّيْتُ [لك ما تمنَّيْتُ] (١) من السوءِ. لأنَّ فى قولِه: تمنَّيْتُ لك ذلك. معنى: حَسَدْتُك على ذلك. فعلى هذا نَصْبُ الحسدِ؛ لأنَّ فى قولِه: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا﴾. معنى (٢): حسَدكم أهلُ الكتابِ على ما أعْطاكم اللهُ من التوفيقِ، ووَهَب لكم من الرَّشادِ لدينِه والإيمانِ [به وبرسولِه ] (٣)، وخَصَّكم بهِ من أن جعَل رسولَه إليكم رجلًا منكم، رَءُوفًا بكم رَحيمًا، ولم يجعَلْه منهم، فتكونوا لهم تبَعًا. فكان قولُه: ﴿حَسَدًا﴾. مصدرًا مِن ذلك المعنى.

وأما قولُه: ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾. فإنه يَعْنى بذلك (٤): من قِبَلِ أنفسِهم. كما يقولُ القائلُ: لى عندك كذا وكذا. بمعنى: لى قِبَلَك.

وكما حدِّثْتُ عن عمارٍ، قال: ثنا ابنُ أبى جعفرٍ، [عن أبيه، عن الربيعِ] (٥) قولَه: ﴿مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ﴾: [من قِبَلِ أنفسِهم] (٦).

وإنما أخبرَ اللهُ جل ثناؤُه عنهم المؤمنين أنهم وَدُّوا ذلك للمؤمنين من عندِ أنفسِهم، إعلامًا منه لهم أنهم لم يُؤْمَروا بذلك فى كتابِهم، وأنهم يَأتُونَ ما يَأتُون من


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) فى م: "يعنى".
(٣) فى م، ت ١، وفى ت ٢، ت ٣: "برسوله".
(٤) فى ت ١، ت ٣: "به ذلك".
(٥) سقط من: م، ت ٢، وفى ت ١، ت ٣: "فى".
(٦) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
والأثر أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ١/ ٢٠٥ (١٠٨٥) من طريق ابن أبى جعفر به.