للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بحدودِها وفروضِها، وعلى تأويلِ الصلاةِ، وما أصلُها، وعلى معنى إيتاءِ الزكاةِ، وأنه إعطاؤُها بطِيبِ نفسِ مُؤْتيها، على ما فُرِضَت ووجَبَتْ، وعلى معنى الزكاةِ، واختلافِ المختلفين فيها، والشواهدِ الدالةِ على صحةِ القولِ الذي اختَرْنا في ذلك بما أغْنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (١).

وأما قولُه: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ﴾. فإنه يَعنى جل ثناؤُه بذلك: ومَهْمَا تَعمَلُوا من عملٍ صالحٍ في أيامِ حياتِكم، فتُقَدِّموه قبلَ وفاتِكم ذُخْرًا لأنفسِكم في مَعادِكم، تَجِدُوا ثوابَه عند ربِّكم يومَ القيامةِ، فيُجازِيكم به.

والخيرُ: هو العملُ الذي يَرضاه اللهُ.

وإنما قال: ﴿تَجِدُوهُ﴾. والمعنَى: تجِدُوا ثوابَه.

كما حدِّثْتُ عن عمارِ بنِ الحسنِ، قال: ثنا ابنُ أبى جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ قولَه: ﴿تَجِدُوهُ﴾ يعنى: تَجِدُوا ثوابَه عند اللهِ (٢).

قال أبو جعفرٍ: لاستغناءِ سامِعِ (٣) ذلك بدليلِ ظاهرِه على معنى المرادِ منه، كما قال عمرُ (٤) بنُ لَجْأَ (٥):

وسبَّحَتِ المدِينةُ لا تَلُمْها … رَأَتْ قمَرًا بسُوقِهِمُ نهَارَا

وإنما أراد: وسبَّح أهلُ المدينةِ.

وإنما أمَرهم جل ثناؤُه في هذا الموضعِ بما أمَرهم به من إقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ


(١) ينظر ما تقدم في ١/ ٢٤٧، ٦١١ وما بعدهما.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢٠٧ عقب الأثر (١٠٩٢) من طريق ابن أبي جعفر به.
(٣) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "سامعى".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عمرو".
(٥) تقدم تخريجه في ١/ ٢٨٧.