للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمدِ بنِ إسحاقَ، عن وهبِ بن مُنَبِّهٍ، قال: إن اللهَ قبَض حِزْقِيلَ، وعظُمَت في بني إسرائيلَ الأحْداثُ، ونَسُوا ما كان مِن عهدِ اللهِ إليهم، حتى نصَبوا الأوثانَ، وعبَدوها دونَ اللهِ، فبعث اللهُ إليهم إلياسَ بنَ تسبى (١) بنِ فِنْحاصَ بنِ العَيْزارِ بنِ هارونَ بنِ عِمْرانَ نبيًّا. وإنما كانتِ الأنبياءُ من بنى إسرائيلَ بعدَ موسى يُبْعَثون إليهم بتجديدِ ما نَسُوا من التوراةِ، فكان إلياسُ مع مَلِكٍ مِن ملوكِ بني إسرائيلَ، يقالُ له: أحابُ. كان اسمُ امرأتِه أربلَ، وكان يَسْمَعُ منه ويُصَدِّقُه، وكان إلياس يُقِيمُ له أمرَه، وكان سائرُ بني إسرائيلَ قد اتَّخَذوا صنمًا يَعْبُدونه مِن دونِ اللهِ، يقالُ له: بَعْلٌ (٢). قال ابنُ إسحاق: وقد سمِعْتُ بعض أهلُ العلم يقولُ: ما كان بعلٌ إلا امرأةً يَعْبُدونها مِن دونِ اللهِ، يقولُ الله لمحمدٍ: ﴿وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣) إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ إلى قولِه: ﴿وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ﴾. فجعَل إلياسُ يَدْعوهم إلى اللهِ، وجعَلوا لا يَسْمَعون منه شيئًا إلا ما كان مِن ذلك الملك، والملوكُ متفرقةٌ بالشام، كلُّ ملِكٍ له ناحيةٌ منها يَأْكُلُها، فقال ذلك الملكُ الذي كان إلياسُ معه يُقَوِّمُ له أمرَه، ويَراه على هُدًى مِن بين أصحابِه يومًا: يا إلياسُ، واللهِ ما أرَى ما تَدْعُو إليه إلا باطلًا، واللهِ ما أَرَى فلانًا وفلانًا - يُعَدِّدُ مُلوكًا مِن ملوكِ بني إسرائيلَ قد عبَدوا الأوثانَ مِن دونِ اللهِ - إلا على مثل ما نحن عليه، يَأْكُلون ويَشْرَبون ويَنْعَمون مُمَلَّكِين، ما يَنْقُصُ دنياهم أمرُهم الذى تَزْعُمُ أنه باطلٌ، وما نَرَى لنا عليهم مِن فضلٍ. فيَزْعُمون، واللهُ أَعْلَمُ، أن إلياسَ اسْتَرْجَع، وقام شعرُ رأسِه وجلده، ثم رفَضه وخرَج عنه، ففعل ذلك الملكُ فِعْلَ أصحابِه، عبَد الأوثانَ، وصنَع ما يَصْنَعون، فقال إلياسُ: اللهم إنَّ بني إسرائيلَ قد أبَوْا إلا الكفرَ (٣) بك والعبادةَ لغيرِك،


(١) في م: "ياسين".
(٢) أخرجه المصنف فى التاريخ ١/ ٤٦١ عن ابن حميد به.
(٣) في م: "أن يكفروا".