للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكان بعضُهم يتأوَّلُ ذلك بمعنى: سلامٌ على آلِ محمدٍ. وذُكِر عن بعضِ القرأةِ أنه كان يقرأُ قولَه: (وَإِنَّ الْيَاسَ) بتَرْكِ الهمزِ فى "الياسَ"، ويجعَلُ الألفَ واللامَ داخلتَين على "ياس" للتعريفِ، ويقولُ: إنما كان اسمُه "ياس"، أُدخلت عليه ألفٌ ولامٌ، ثم يقرأُ على ذلك: (سلامٌ على الياسينَ).

والصوابُ مِن القراءةِ فى ذلك عندَنا، قراءةُ مَن قرَأه: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾ بكسر ألفِها (١)، على مثال "إِدْرَاسِينَ"؛ لأن الله تعالى ذكرُه إنما أخبَر عن كلِّ موضعٍ ذكَر فيه نبيًّا من أنبيائِه، صلواتُ اللهِ عليهم، فى هذه السورةِ، بأن عليه سلامًا، لا على آلِه، فكذلك السلامُ فى هذا الموضعِ، ينبغى أن يكونَ على "إلياسَ" كسلامِه على غيرِه من أنبيائِه، لا على آلهِ، على نحوِ ما بَيَّنَّا من معنى ذلك.

فإن ظَنَّ ظانٌّ أن "إلياسينَ" غيرُ "إلياسَ"، فإن فيما حكَينا، مِن احتجاجِ مَن احتجَّ بأن "إلياسينَ" هو "إلياسُ"، غِنًى عن الزيادةِ فيه.

مع أن فيما حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾. قال: إلياسَ.

وفي قراءة عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ (٢): (سَلامٌ علَى إِدْرَاسِينَ) دلالةٌ واضحةٌ على خطأِ قولِ مَن قال: عُنى بذلك: سلامٌ على آلِ محمدٍ، وفسادِ قراءةِ مَن قرأ: (وإنَّ الياسَ) بوصلِ النونِ مِن "إن" بإلياسَ (٣)، وتوجيهِ الألفِ واللامِ فيه، إلى أنهما أدخِلَتا تعريفًا للاسْمِ الذى هو "ياسُ"، وذلك أن عبدَ اللهِ كان يقولُ: إلياسُ هو إدريسُ، ويقرأُ: (وَإِنَّ إدريسَ لَمِنَ المُرْسَلِينَ)، ثم يقرأُ على ذلك: (سلامٌ علَى إدْرَاسِينَ)، كما قرَأ الآخرون: ﴿سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ﴾. فلا وجهَ على ما ذكَرنا مِن


(١) القراءتان كلتاهما صواب.
(٢) هى قراءة شاذة. وينظر المصاحف ص ٦٩.
(٣) هي قراءة شاذة.