للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد قضَى أنه مِن أهلِ النار.

وقيل: ﴿بِفَاتِنِينَ﴾. من: فَتَنتُ أفتِنُ، وذلك لغةُ أهل الحجاز، وأما أهلُ نجدٍ فإنهم يقولون: أفتته فأنا أُفتِنُه.

وقد ذكر عن الحسن أنه قرأ: (إِلَّا مَن هو صالُ الجحيمِ) (١)، برفع اللَّامِ مِن ﴿صَالِ﴾، فإن كان أراد بذلك الجمعَ كما قال الشاعرُ (٢):

إذا ما حَاتمٌ وُجِد ابْنَ عَمِّى … مَجَدنا مَن تكلَّم أَجْمَعِينا

فقال: أجمعينا. ولم يقُلْ: تكلَّموا. أو كما يقالُ في الرجالِ: مَن هو إخوتك؟ يذهبُ بـ "هو" إلى الاسم المجهولِ ويُخرَّج فعله على الجمعِ، فذلك وجهٌ، وإن كان غيره أفصحَ منه، وإن كان أراد بذلك واحدًا، فهو عند أهل العربيةِ لحنٌ؛ لأنَّه لحنٌ عندهم أن يقال: هذا رامٌ وقاضٌ. إلا أن يكون سُمِع في ذلك من العربِ لغةٌ مقلوبةٌ (٣)، مثلَ قولِهم: شاكُ السلاحِ، وشاكي السلاحِ، وعاث وعثا، وعاق وعقا. فيكونَ لغةً، ولم أسمعْ أحدًا يذكُر سماعَ ذلك مِن العربِ.

وقولُه: ﴿وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾. وهذا خبرٌ من اللهِ عن قيلِ الملائكةِ أنهم قالوا: وما منا -معشَرَ الملائكة- إلا مَن له مقامٌ في السماءِ معلومٌ.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بنُ المُفضَّل، قال: ثنا أسباطُ، عن


(١) وهى قراءة شاذة. ينظر البحر المحيط ٧/ ٣٧٩.
(٢) البيت في معانى القرآن للفراء ٢/ ٣٩٥، غير منسوب.
(٣) في ص: "معلومة". وينظر معانى القرآن للفراء ٢/ ٣٩٤.