للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اسمٌ من أسماءِ القرآنِ، أقسم الله به (١).

وقال آخرون: معنى ذلك: صدَق اللهُ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حُدِّثتُ عن المسيبِ بنِ شريكٍ، عن أبى روقٍ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿ص﴾. قال: صدَق اللهُ (٢).

واختلفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ الأمصارِ خلا عبدَ اللَّهِ بنَ أبى إسحاق وعيسى بن عمر، بسكونِ الدالِ، فأما عبدُ اللَّهِ بن أبي إسحاقَ فإنه كان يكسِرُها؛ لاجتماعِ الساكِنَين، ويجعلُ ذلك بمنزلِة الأداةِ؛ كقولِ العربِ: تركته حاتِ باثِ، وخازِ بازِ. يُخفضانِ من أجلِ أن الذى يلى آخرَ الحروفِ ألفٌ، فيَخفِضون مع الألفِ، ويَنصِبون مع غيرِها، فيقولون: حيثَ بيثَ. و: لأجعَلنَّك في حيصَ بيصَ. إذا ضيَّق عليه (٣). وأما عيسى بنُ عمرَ فكان يوفِّقُ بينَ جميعِ ما كان قبل آخر الحروفِ منه ألفٌ، وما كان قبلَ آخرِه ياءٌ أو واوٌ، فيفتَحُ جميعَ ذلك ويَنصِبُه، فيقولُ: (صادَ)، و (قافَ)، و (نونَ)، و (ياسينَ)، فيجعل ذلك مثلَ الأداةِ؛ كقولِهم: ليتَ، وأين. وما أشبَهَ ذلك.

والصوابُ من القراءةِ في ذلك عندَنا السكونُ في كلِّ ذلك؛ لأن ذلك القراءةُ التي جاءت بها قرأةُ الأمصارِ مستفيضةً فيهم، وأنها حروفُ هجاءٍ لأسماءِ المسمياتِ، فيُعرَبْن إعرابَ الأسماءِ والأدواتِ والأصواتِ، فيُسلَكُ بهن مسالكِهن. فتأويلُها إذ كانت كذلك تأويل نظائرِها التي قد تقدَّم بيانُناها قبلُ فيما مضى (٤).


(١) تقدم تخريجه في ١/ ٢٠٤.
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٩٦ إلى المصنف.
(٣) ينظر معاني القرآن ٢/ ٣٩٦.
(٤) ينظر ما تقدم في ١/ ٢١٣ - ٢٢٨. ومعانى القرآن ١/ ٩، ١٠.