للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجلَس فيه، فقال أبو طالبٍ: يا بن أخي، ما لقومك يشكُونك؟ قال: "يا عَمِّ، أريدُهم على كلمةٍ تَدِينُ لهم بها العربُ، وتؤدِّى إليهم بها العَجَمُ الجزية". قال: ما هى؟ قال: "لا إله إلا الله". فقاموا وهم يقولون: ﴿مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧)﴾. ونزل القرآنُ: ﴿ص وَالْقُرْءَانِ ذِي الذِّكْرِ﴾: ذى الشرفِ، ﴿بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ﴾ حتى قوله: ﴿أَجَعَلَ الأَلِهَةَ إِلَهًا وَحِدًا﴾ (١).

حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا يحيى بنُ سعيدٍ، عن سفيانَ، عن الأعمشِ، عن يحيى بن عُمارةً، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: مرض أبو طالبٍ. ثم ذكَر نحوَه، إلا أنه لم يقلْ: ذى الشرفِ. وقال: إلى قولِه: ﴿إِنَّ هَذَا لَشَيْءٍ عُجَابٌ﴾ (٢).

حدَّثنا ابنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن الأعمش، عن يحيى بنِ عُمارةَ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، [عن ابنِ عباسٍ] (٣) قال: مرِض أبو طالبٍ. قال: فجاء النبيُّ يعودُه، فكان عندَ رأسِه مَقعَدُ رجلٍ، فقام أبو جهل فجلَس فيه، فشكَوا النبي إلى أبي طالبٍ، وقالوا: إنه يقعُ في آلهتنا. فقال (٤): يا بن أخي، ما تريدُ إلى هذا؟ قال: "يا عمِّ، إنما (٥) أريدُهم على كلمةٍ تَدينُ لهم بها العرب، وتؤدى إليهم العَجَمُ الجزية". قال: وما هى؟ قال: "لا إله إلا الله". فقالوا: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ﴾ (٦)!


(١) أخرجه الضياء في المختارة (٤١٤) من طريق أبي كريب به.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ٣/ ٣٥٩، وأحمد ٣/ ٤٥٨ (٢٠٠٨)، والترمذى عقب ح (٣٢٣٢)، والنسائي (١١٤٣٦ - كبرى)، والضياء في المختارة (٤١٦) من طريق يحيى بن سعيد به.
(٣) سقط من: النسخ. والمثبت من الطرق قبله ومصدر التخريج.
(٤) بعده في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣ "له".
(٥) في م: "إني".
(٦) أخرجه أبو يعلى (٢٥٨٣)، ومن طريقه الضياء في المختارة (٤١٥)، من طريق عبد الرحمن بن مهدي به، وأخرجه عبد بن حميد - كما في الدر المنثور ٥/ ٢٩٥، وعنه الترمذى (٣٢٣٢)، والحاكم ٢/ ٤٣٢، والواحدي في أسباب النزول ص ٢٧٥ من طريق سفيان به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.