للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البصريين منهم: معناها إذا فُتِحت الفاءُ: ما لها من راحةٍ. وإذا ضُمَّت جعلها [مِن فُواقِ الناقةِ] (١): ما بينَ الحَلْبَتين.

وكان بعضُ الكوفيين منهم يقولُ: معنى الفتح والضم فيها واحدٌ، وإنما هما لغتان مثلُ السَّوَافِ (٢) والسُّوافِ، وجَمامِ المكُّوكِ (٣) وجُمامِه، وقَصاصِ الشَّعرِ وقُصاصِه.

والصوابُ من القول فى ذلك أنهما لغتان، وذلك أنَّا لم نجد أحدًا من المتقدِّمين على اختلافهم في قراءته يفرِّقون بين معنى الضمِّ فيه والفتحِ، ولو كان مختلِفَ المعنى باختلافِ الفتحِ فيه والضمِّ لقد كانوا فرَّقُوا بين ذلك في المعنى. فإذ كان ذلك كذلك، فبأيِّ القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ. وأصلُ ذلك من قولهم: أفاقت الناقةُ، فهي تُفِيقُ إفاقةً. وذلك إذا درَّت (٤) ما بين الرضعتين ولدَها إلى الرضعةِ الأخرى، وذلك أن تَرضَعَ البَهْمَةُ أمَّها، ثم تتركها حتى ينزل شيءٌ من اللبن، فتلك الإفاقةُ، يقالُ إِذا اجتمع ذلك فى الضَّرْعِ: فِيقةٌ (٥). كما قال الأعشى (٦):

حتى إذا فِيقَةٌ في ضَرْعِها اجتمعت … جاءت لتُرضِعَ شِقَّ النَّفْسِ لو رضَعا

وقوله: ﴿وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ﴾. يقول تعالى ذكرُه: وقال هؤلاء المشركون بالله من قريشٍ: يا ربَّنا عجِّل لنا كُتُبَنا قبلَ يومِ القيامةِ. والقِطُّ


(١) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "فواق ناقة".
(٢) السواف: مرض أو وباء يصيب الإبل. ينظر الوسيط (س و ف).
(٣) المكوك: مكيال معروف لأهل العراق، وجمامه: الكيل إلى رأسه وما علا رأسه فوق طفافه. لسان العرب (م ك ك، ج م م).
(٤) فى م، ت ٢، ت ٣: "ردت".
(٥) ينظر معانى القرآن للفراء ٢/ ٤٠٠.
(٦) ديوانه ص ١٠٥.