للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: كان الذى شُدَّد به مُلْكُه، أن أُعْطِي هَيبةً مِن الناسِ له؛ لقضيةٍ كان قَضاها.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني ابنُ حربٍ، قال: ثنا موسى، قال: ثنا داودُ، عن [عِلْباءَ بنِ أَحمرَ] (١)، عن عكرمة، عن ابنِ عباسٍ، أن رجلًا من بنى إسرائيل اسْتعْدَى على رجلٍ مِن عظمائِهم، فاجْتمَعا عندَ داودَ النبيِّ ، فقال المُسْتَعْدِى: إِن هذا اغْتَصَبَنِى بَقَرًا لى. فسأل داودُ الرجلَ عن ذلك، فجحَده، فسأل الآخَرَ البَيِّنَةَ، فلم يَكُنْ له بَيِّنةٌ، فقال لهما داودُ: قُوما حتى أنظرَ فى أمرِكما. فقاما مِن عندِه، فأوحَى اللهُ إلى داودَ فى منامه أن يَقْتُلَ الرجلَ الذي اسْتُعْدِى عليه، فقال: هذه رُؤْيا، ولستُ أعجَلُ حتى أَتَثَبَّتَ. فأوحَى اللهُ إلى داودَ فى منامِه مرةً أخرى أن يقتُلَ الرجلَ، وأوحَى الله إليه الثالثة أن يقتله، أو تَأْتِيَه العقوبةُ مِن الله، فأَرْسَل داود إلى الرجلِ: إن الله قد أوحَى إليَّ أن أقتُلَك. فقال الرجلُ: تَقْتُلُنى بغير بينةٍ [ولا ثَبَتٍ] (٢)؟ فقال (٣) داود: نعم، واللهِ لأُنْفِذنَّ أمرَ اللهِ فيك. فلمَّا عرَف الرجلُ أنه قاتِلُه قال: لا تَعْجَلْ علىَّ حتى أُخْبِرَك؛ إنى واللهِ ما أُخِذتُ بهذا الذنبِ، ولكنِّى كنتُ اغْتَلْتُ والدَ هذا فقتلتُه، فبذلك قُتِلتُ. فأمَر به داودُ فقُتِل، فاشْتَدَّتْ هَيبةُ بنى إسرائيلَ عندَ ذلك لداودَ، وشُدِّد به مُلْكُه، فهو قولُ الله: ﴿وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ﴾ (٤).


(١) في تفسير البغوى: "على بن أحمد" وينظر ترجمة علباء هذا في تهذيب الكمال ٢٠/ ٢٩٣.
(٢) ليست في: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣. وفى م، والدر المنثور: "ولا تثبت". والثَّبَت، بالتحريك: الحُجَّة والبَيِّنة. ينظر النهاية ١/ ٢٠٦، وتاج العروس (ث ب ت).
(٣) بعده في م، ت ٢، ت ٣: "له".
(٤) أخرجه البغوي في تفسيره ٧/ ٧٧، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٧/ ١٠٢، ١٠٣ من طريق داود -وهو ابن أبى الفرات- به، وأخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره -كما في تفسير ابن كثير ٧/ ٥٠ - من طريق علباء به، مختصرا، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٩٩، ٣٠٠ إلى عبد بن حميد.