للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَغْتَسِلُ، فأَعْجَبَه خَلْقُها وحُسْنُها. قال: فَلَمَّا رأتْ ظِلِّه في الأرضِ، جَللَتْ نفسَها بشَعْرِها، فزاده ذلك أيضًا إعجابًا بها، وكان قد بعث زوجَها على بعضِ جيوشِه، فكتب إليه أن يسيرَ إلى مكان كذا وكذا. مكانٌ إذا سارَ إليه لم يَرْجِعْ. قال: ففعَل فأُصِيب، فخَطَبها فتَزَوَّجها. قال (١): وقال قتادةُ: بَلَغَنا أنها أُمُّ سليمانَ. قال: فبينَما هو في المحراب إذ تسوَّر الملَكان عليه، وكان الخَصْمان إذا أتَوه يَأْتونه من باب المحرابِ، ففَزِع منهم حينَ تَسَوَّروا المحرابَ، فقالوا: ﴿لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ﴾. حتى بلَغ: ﴿وَلَا تُشْطِطْ﴾. أي: لا تَمِلْ، ﴿وَاهْدِنَا إِلَّى سَوَاءِ الصِّرَاطِ﴾. أي: أعدله وخَيْرِه، ﴿إنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وتِسْعُونَ نَعْجَةً﴾، وكان لداود تسعٌ وتسعون امرأةً، ﴿تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً﴾. قال: وإنما كان للرجلِ امرأةٌ واحدةٌ. ﴿فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ﴾. أي: ظلَمنى وقهرني. فقال: ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُوَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ﴾ إلى قوله: ﴿وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ﴾. ﴿وَظَنَّ دَاوُدُ﴾: فعلِم داودُ أنما صُمِدَ (٢) له، أي: عُنِى به ذلك. فخَرَّ راكعا وأناب. قال: وكان في حديثِ مَطَرٍ، أنه سجَد أربعين ليلةً، حتى أوحَى اللهُ إليه: إنى قد غفرتُ لك. قال: ربِّ، كيف (٣) تغفرُ لي وأنت حَكَمٌ عدلٌ لا تظلمُ أحدًا؟ فقال: إنى أقضِيك له، ثم أستوهِبُه دمَك، أو ذنبَك (٤)، ثم أُثِيبُه حتى يرضَى. قال: الآن طابَت نفسى، وعلمتُ أنك قد غفرتَ لي (٥).


(١) القائل: "وقال قتادة" هو سعيد الراوى عن مطر.
(٢) في تاريخ المصنف: "أُضْمِر". وصمد له: الصَّمْد: القَصْد. صَمَدَه يَصْمُدُه صَمْدًا، وصَمَدَ إِليه، كلاهما: قَصَدَه. وأَضْمَرَه: أخفاه. ينظر تاج العروس (ص م د)، (ض م ر).
(٣) في م: "وكيف".
(٤) في ص، ت ١: "ذنبه".
(٥) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٨٢ دون قوله: "قال: وكان في حديث مطر أنه سجد … إلخ"، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٦١ - ١٦٣، والمروزى في تعظيم قدر الصلاة (٢١) من طرق عن الحسن بنحوه. وذكره السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٠١، ٣٠٢ بنحوه، وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر.