للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. يقول: [إن ظنًّا] (١) أنا خلَقنا ذلك باطلا ولَعِبًا ظَنُّ الذين كفروا بالله فلم يوحِّدوه، ولم يعرفوا عظمته، وأنَّه لا ينبغى (٢) أن يَعْبَثَ، فيَتَيقَّنوا بذلك أنه لا يخلُقُ شيئًا باطلًا، ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ﴾. يعنى: مِن نارِ جهنمَ.

وقوله: ﴿أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّلِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: أنجعَلُ (٣) الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه وعمِلوا بما أمَر الله به، وانتهوا عما نهَاهم، ﴿كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ﴾. يقولُ: كالذين يُشرِكون بالله ويعضُونه ويُخالفون أمرَه ونهيَه، ﴿أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ﴾. يقولُ: الذين اتَّقوا الله بطاعته وراقَبوه، فحَذِروا معاصيَه، ﴿كَالْفُجَّارِ﴾. يعني: كالكفارِ (٤) المُنتَهِكِين حرماتِ اللهِ.

وقوله: ﴿كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمد : [وهذا القرآن] (٥) كتابٌ أنزَلناه إليك يا محمدُ مباركٌ، ﴿لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾. يقولُ: ليتَدبَّروا حُجَجَ اللهِ التى فيه، وما شرَع فيه مِن شرائعِه، فيَتَّعِظوا ويعمَلوا به.

واختلفت القرأة في قراءةِ ذلك؛ فقرأته عامةُ القرأةِ: ﴿لِّيَدَّبَّرُوا﴾ بالياءِ، يعني: ليتَدَبَّرَ هذا القرآنَ مَن أرَسلناك إليه مِن قومِك يا محمدُ. وقَرأه أبو جعفرٍ وعاصمٌ: (لِتَدَبَّرُوا آياته) بالتاءِ (٦)، بمعنى: لتَتَدبَّرَه (٧) أنت يا محمدُ وأتباعُك.


(١) في م: "أي ظن"، وفي ت ٢، ت ٣: "أي ظنا".
(٢) بعده في ت ٢: "له".
(٣) في ت ٢: "أم نجعل".
(٤) في ت ٢: "كالفجار".
(٥) ليس في: ص، ت ١.
(٦) قراءة ﴿ليدبروا﴾ بالياء وتشديد الدال هى قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي ويعقوب وخلف، وقراءة (لتدَبروا) بالتاء وتخفيف الدال هى قراءة أبي جعفر وجاء كذلك عن عاصم في رواية الكسائي وحسين عن أبي بكر، وينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٥٣، والبحر المحيط ٧/ ٣٩٥، ٣٩٦، والنشر في القراءات العشر ٢/ ٢٧٠، والإتحاف ص ٢٢٩.
(٧) فى ت ٢، ت ٣: "لتتدبر".