للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعضُهم فضربه بعضًا فشجَّه، فجعَل يَغْسِلُ دمه وهو على شاطئ البحرِ، فلام الصيَّادون صاحبَهم الذى ضرَبه، فقالوا: بئس ما صنعت حيثُ ضَرَبْتَه. قال: إنه زعَم أنه سليمانُ. قال: فأعطَوه سمَكتَيْنِ، مما قد مذِر (١) عندَهم، فلم يَشْغَلْه ما كان به من الضرب (٢) حتى قام إلى شطِّ البحرِ، فشقَّ بطونَهما، وجعَل يَغْسِلُ، فوجَد خاتمه في بطنِ إحداهما، فأخَذه فلبِسه، فردَّ اللهُ عليه بهاءَه ومُلْكَه، وجاءت الطيرُ، حتى حامَت عليه، فعرَف القومُ أنه سليمانُ، فقام القومُ يَعْتَذِرون مما صنَعوا، فقال: ما أَحْمَدُكم على عذرِكم، ولا أَلومُكم على ما كان منكم، كان هذا الأمر لا بدَّ منه. قال: فجاء حتى أتى، مُلْكَه، فأرسَل إلى الشيطانِ، فجيء به، وسُخِّر له الريحُ والشياطينُ يومئذٍ، ولم تَكُنْ سخّرت له قبلَ ذلك، وهو قولُه: ﴿وَهَبْ لِي مُلكًا لَا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ﴾. قال: وبعَث إلى الشيطانِ، فأُتِى به (٣)، فأمرَ به فجُعِل في صندوق من حديدٍ، ثم أطبق عليه، فأقفَل عليه بقُفْلٍ، وختَم عليه بخاتمِه، ثم أمَر به، فأُلقى في البحرِ، فهو فيه حتى تَقُومَ الساعةُ، وكان اسمُه حبقيقَ (٤).

وقوله: ﴿ثُمَّ أَنَابَ﴾ سليمانُ، فرجَع إلى ملكِه من بعدِ ما زال عنه ملكُه فذهَب.

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في ص، ت ١: "صدر". ومذر: فسد. اللسان (م ذ ر).
(٢) في ص، م: "الضرر"، وفى ت ١: "الضر".
(٣) بعده في ص: "في صندوق فأتى به".
(٤) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٤٩٩ - ٥٠١.