للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مساجدِه. فتكونَ ﴿أَنْ﴾ حينئذٍ في موضعِ نصبٍ تكريرًا على موضعِ "المساجدِ" وردًّا عليه.

وأما قولُه: ﴿وَسَعَى فِي خَرَابِهَا﴾. فإن معناه: ومَن أظلمُ ممن منَع مساجدَ اللهِ أن يُذْكرَ فيها اسمُه، وممن سعَى في خرابِ مساجدِ اللهِ. فـ ﴿وَسَعَى﴾ إذن عطفٌ على ﴿مَنَعَ﴾.

فإن قال لنا قائلٌ: ومَن الذين عَنَى اللهُ بقولِه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا﴾؟ وأيُّ المساجدِ هى؟

قيل: إن أهلَ التأويلِ في ذلك مُختلِفون؛ فقال بعضُهم: الذين مَنَعوا مساجدَ اللهِ أن يُذْكرَ فيها اسمُه هم النصارى، والمسجدُ بيتُ المقدسِ.

ذِكْرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى محمدُ بنُ سعدٍ، قال: حدَّثنى أبى، قال: حدَّثنى عمِّى، قال: حدَّثنى أَبى، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾: فإنَّهم النصارى (١).

وحدَّثنى محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا﴾: النصارى، كانوا يَطْرَحون في بيتِ المقدسِ الأذَى، ويَمْنعون الناسَ أن يُصلُّوا فيه (٢).


(١) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢١٠ (١١١١) عن محمد بن سعد به.
(٢) تفسير مجاهد ص ٢١٢، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ٢١٠ (١١١٢). وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ١٠٨ إلى عبد بن حميد.