للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُضْمرَ قبلَها لها ناصبٌ، كما قال الشاعرُ (١):

زِيادَتَنا نُعمانُ لا تَحْرِمَنَّها (٢) … تَقِ الله فينا والكتابَ الذي تَتْلُو

والرفعُ بالهاءِ في قولِه: ﴿فَلْيَذُوقُوهُ﴾. كما يقالُ: الليلَ فبادِرُوه، والليلُ فبادِرُوه.

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ بن المفضَّلِ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ﴾. قال: الحميمُ: الذي قد انتهى حرُّه (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ: الحميمُ دموعُ أعينِهم، يجتمِعُ (٤) في حياضِ النارِ، فيُسْقَونه (٥).

وقولُه: ﴿وَغَسَّاقٌ﴾. اختلَفت القرأةُ في قراءتِه؛ فقرَأته عامَّةُ قرأةِ الحجازِ والبصرةِ وبعضُ الكوفيين والشامِ بالتخفيف: ﴿وَغَسَّاقٌ﴾، وقالوا: هو اسمٌ موضوعٌ. وقرَأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفةِ: ﴿وَغَسَّاقٌ﴾ مشددةً، ووجَّهوه إلى أنه صفةٌ من قولِهم: غسَقِ يَغْسِقُ غُسُوقًا. إذا سال، وقالوا: إنما معناه: أنهم يُسْقَون الحميمَ، وما يَسِيلُ من صديدِهم (٦).

والصوابُ من القولِ في ذلك عندِى أنهما قراءتان، قد قرَأ بكلِّ واحدةٍ منهما علماءُ من القرَأَةِ، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ، وإن كان التشديدُ في


(١) البيت لعبد الله بن همام السلولى، وهو في معاني القرآن ٤/ ٤١٠، واللسان (و ق ى).
(٢) في م: "تحرمننا".
(٣) ذكره ابن رجب في التخويف من النار ص ١٥٢.
(٤) في م: "تجمع".
(٥) ذكره القرطبي في تفسيره ١٥/ ٢٢٢، وابن رجب في التخويف من النار ص ١٥٢.
(٦) قرأ بالتشديد حمزة والكسائي وحفص عن عاصم، وقرأ بالتخفيف ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٥٥.