للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدُ بنُ الحسينِ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ: ﴿آنَاءَ اللَّيْلِ﴾. قال: ساعاتِ الليلِ (١).

وقد مضَى بيانُنا عن معنى "الآناءِ" بشواهدِه وحكايةُ أقوالِ أهلُ التأويلِ فيها، بما أغنى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٢).

وقولُه: ﴿سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾. يقولُ: يَقْنُتُ ساجدًا أحيانًا، وأحيانًا قائمًا. يعنى: يطيعُ، والقنوتُ عندَنا: الطاعةُ، ولذلك نُصِب قولُه: ﴿سَاجِدًا وَقَائِمًا﴾. لأن معناه: أمَّن هو يقنُتُ آناءَ الليلِ ساجدًا طورًا، وقائمًا طورًا. فهُما حالٌ مِن قانتٍ.

وقولُه: ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ﴾. يقولُ: يَحْذَرُ عذابَ الآخرةِ.

كما حدَّثنا عليُّ بنُ الحسنِ الأزْدِيُّ، قال: ثنا يحيى بنُ اليَمانِ، عن أشعثَ، عن جعفرٍ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿يَحْذَرُ الْآخِرَةَ﴾. قال: يحذرُ عذابَ (٣) الآخرةِ (٤).

﴿وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ﴾. يقولُ: ويَرْجو أن يرحمَه اللهُ، فيُدْخِلَه الجنةَ.

وقولُه: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: قُلْ يا محمدُ لقومِك: هل يستوى الذين يعلَمون ما لهم في طاعتِهم لربِّهم مِن الثوابِ، وما عليهم في معصيتِهم إيَّاه مِن التَّبِعاتِ، والذين لا يعلَمون ذلك، فهم


(١) تقدم في ٥/ ٦٩٦ بلفظ: "أما آناء الله: فجوف الليل". وينظر تفسير ابن كثير ٧/ ٧٨.
(٢) ينظر ما تقدم في ٥/ ٦٩٥ وما بعدها.
(٣) في ص، م، ت ٢، ت ٣: "عقاب". وينظر مصدر التخريج.
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٢٢ إلى المصنف وابن أبي حاتم.