للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا﴾. قال: ﴿وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ﴾ [الزمر: ٥٤]، وإنما يعاتبُ اللهُ أولي الألبابِ، وإنما الحلالُ والحرامُ لأهلِ الإيمانِ، فإياهم عاتَب، وإياهم أمَر إن أسرَف أحدُهم على نفسِه، أن لا يقْنَطَ من رحمةِ اللهِ، وأن يُنيبَ ولا يُبِطئَ بالتوبةِ من ذلك الإسرافِ والذنبِ الذي عمِل، وقد ذكَر اللهُ في سورةِ "آلِ عمرانَ" المؤمنين، حينَ سأَلوا الله المغفرةَ فقالوا: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا﴾ [آل عمران: ١٤٧]. فينبَغي أن يُعلمَ أنهم قد كانوا يُصيبون الإسرافَ، فأمَرهم بالتوبةِ من إسرافِهم (١).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللهِ: ﴿الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾. قال: قَتْلُ النفسِ في الجاهليةِ (٢).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، قال: ثنا ابن إسحاقَ، عن بعضِ أصحابِه، عن عطاءِ بن يسارٍ، قال: نزَلت هذه الآيات الثلاثُ بالمدينةِ في وحْشيٍّ وأصحابِه: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾ إلى قولِه: ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ﴾ (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: أخبَرني أبو صخرٍ، قال: قال زيدُ بن أسلمَ في قولِه تعالى: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ﴾. قال: إنما هي للمشركين.

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٣١ إلى المصنف وابن مردويه، وينظر أسباب النزول ص ٢٧٧.
(٢) تفسير مجاهد ص ٥٨٠.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٣١ إلى المصنف.