للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يكونَ المرادُ بذلك مَن قد هلَك وذاق الموتَ قبلَ وقتِ نفخةِ الصَّعْقِ، وجَب أن يكونَ المرادُ بذلك مَن قد هلَك فذاق الموتَ مِن قبلِ ذلك؛ لأنه ممن (١) لا يُصْعَقُ في ذلك الوقتِ، إذ (٢) كان الميتُ لا يُجَدَّدُ له موتٌ آخرُ في تلك الحالِ.

وقال آخرون في ذلك ما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ﴾. قال الحسنُ: يَسْتَثْنِى اللهُ، وما يَدَعُ أحدًا مِن أهلِ السماواتِ ولا أهلِ الأرضِ، إلا أذاقه الموتَ. قال قتادةُ: قد اسْتَثْنَى اللهُ، واللهُ أعلمُ إلى [ما صارت ثَنِيَّتُه] (٣). قال: ذُكِر لنا أن نبيَّ اللهِ قال: "أتاني مَلَكٌ فقال: يا محمدُ، اخْتَرْ؛ نبيًّا مِلكًا، أو نبيًّا عبدًا. فَأَوْمَأ إليَّ أن تواضَعْ، قال: نبيًّا عبدًا. قال: فأُعطِيتُ خَصْلتين؛ أَن جُعِلْتُ أُولَ مَن تَنْشَقُّ عنه الأرضُ، وأول شافعٍ، فأَرْفَعُ رأسى، فَأَجِدُ موسى آخِذًا بالعرشِ، فاللهُ أعلمُ أصَعِق بعد الصعقةِ الأولى أم لا؟ " (٤).

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا عَبْدةُ بنُ سليمانَ، قال: ثنا محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو سلمةَ، عن أبي هريرةَ، قال: قال يهوديُّ بسوقِ المدينةِ: والذي اصْطَفَى موسى على البشرِ. قال: فرفَع رجلٌ من الأنصارِ يدَه، فصكَّ (٥) وجهَه، فقال: تقولُ هذا، وفينا رسولُ اللهِ ؟! فقال رسولُ اللهِ : "ونُفِخَ في الصور، فصعق من في السماواتِ، ومَن في الأرضِ إلا من شاء اللهُ، ثم نُفِحَ فيه أخرى، فإذا هم قيامٌ


(١) في ت ٢، ت ٣: "مما".
(٢) في م، ت ٢: "إذا".
(٣) في ص: صار ثنيته"، وفى ت ١: "ذا يثتثنيه"، وفى ت ٣: "صار تنشيته".
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٧٥ عن معمر عن قتادة دون قول الحسن، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٣٧ إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم، والجزء المرفوع في هذا الأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٣٨ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٥) بعده في ص، م، ت ٢، ت ٣: "بها".