للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ قولَه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ في النارِ، ﴿إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ﴾ في الدنيا، ﴿فَتَكْفُرُونَ﴾ (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ﴾ الآية. قال: لما دخَلوا النارَ مقَتوا أنفسَهم في معاصى اللهِ التي ركِبوها، فنُودُوا: إن مقتَ اللهِ إياكم حينَ دعاكم إلى الإسلامِ أشدُّ من مقتِكم أنفسَكم اليومَ حينَ دخلْتم النارَ (١).

واخْتَلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ دخولِ هذه اللامِ في قولِه: ﴿لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾؛ فقال بعضُ أهلِ العربيةِ من أهلِ البصرةِ (٢): هي لامُ الابتداءِ، كأنَّ ﴿يُنَادَوْنَ﴾: يُقالُ لهم؛ لأن (٣) النداء قولٌ. قال: ومثلُه في الإعرابِ يقالُ: لزيدٌ أَفضلُ مِن عمرٍو.

وقال بعضُ نحويى الكوفةِ (٤): المعنَى فيه: يُنادَوْن أنَّ مقتَ اللهِ إياكم. ولكنَّ اللامَ تَكْفِى مِن أن تقولَ في الكلامِ: نادَيْتُ أنَّ زيدًا قائمٌ. قال: ومثلُه قولُه: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥]. اللامُ (٥) بمنزلةِ "أنَّ" في كلِّ كلامٍ ضارَع القولَ، مثلَ: يُنادَون ويُخْبَرون، وأشباهِ ذلك.


(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٧/ ١٢٢.
(٢) هو الأخفش. ينظر تفسير القرطبي ١٥/ ٢٩٦، وفتح القدير ٤/ ٤٨٣.
(٣) بعده في م: "في".
(٤) هو الفراء. ينظر معاني القرآن ٣/ ٦.
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الكلام".