للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾. قال: لا يقرُّون بها ولا يؤمِنون بها، وكان يقالُ: إن الزكاةَ قَنْطرةُ الإسلامِ، فمَن قطَعها نجا، ومَن تخَلَّف عنها هلَك. وقد كان أهلُ الرِّدَّةِ بعد نبيِّ اللهِ قالوا: أما الصلاةُ فنصلِّي، وأما الزكاةُ فواللهِ لا نُغْصَبُ (١) أموالَنا. قال: فقال أبو بكرٍ: واللهِ لا أفرِّقُ بَينَ شَيءٍ جمَع اللهُ بينَه، واللهِ لو منَعونا (٢) عِقالًا مما فرَض اللهُ ورسولُه، لقاتَلْناهم عليه (٣).

حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦) الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾. قال: لو زكَّوا وهم مشرِكون لم ينفَعْهم.

قال أبو جعفرٍ: والصوابُ مِن القولِ في ذلك ما قاله الذين قالوا: معناه: لا يؤدُّون زكاة أموالِهم. وذلك أن ذلك هو الأشهرُ من معنى الزكاةِ، وإن في قولِه: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾. دليلًا على أن ذلك كذلك؛ لأن الكفارَ الذين عُنُوا بهذه الآية كانوا لا يشهَدون ألّا إله إلا اللهُ، فلو كان قولُه: ﴿الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾. مرادًا به الذين لا يشهَدون ألّا إله إلا اللهُ، لم يكُنْ لقولِه: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾. معنًى؛ لأنه معلومٌ أَنَّ مَن لا يشهدُ ألّا إِلهَ إِلَّا اللهُ لا يؤْمِنُ بالآخرة، وفي إتْباعِ اللهِ قولَه: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾. قولَه: ﴿الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ﴾. ما يُنبِئُ عن أن الزكاةَ في هذا الموضعِ معنيٌّ بها زكاةُ الأموالِ.

وقولُه: ﴿وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ﴾. يقولُ: وهم بقيامِ الساعةِ وبعْثِ اللهِ خلْقَه أحياءً من قبورِهم مِن بعدِ بلائِهم وفنائِهم (٤) - منكِرُون.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تغصب".
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "منعونى".
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ١٨٤ عن معمر عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٦٠ إلى عبد بن حميد.
(٤) في ت ٢، ت ٣: "قيامهم".