للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أذِن اللَّهُ في زَوالِ ملكِهم، وانقطاعِ دولتِهم ومدتِهم، بعَث اللَّهُ على إحداهما نارًا ليلًا، فتُصْبحُ سوداءَ مظلمةً قد احْتَرَقَت، كأنها لم تَكُنْ مكانَها، وتُصْبحُ صاحبتُها مُتَعَجِّبةٌ كيف أفْلَتَت، فما هو إلا بياضُ يومِها ذلك حتى يَجْتَمِعَ (١) فيها كلُّ جبارٍ عنيدٍ منهم، ثم يَخْسِفُ اللَّهُ بها وبهم جميعًا، فذلك قولُه: ﴿حم (١) عسق﴾. يعنى: عزيمةٌ من الله وفتنة وقضاءٌ حُمَّ. "عينٌ" يعنى: عَدْلًا منه. "سينٌ" يعني: سيكونُ. و "قافٌ" (٢) يعنى: واقعٌ بهما (٣)؛ بهاتين المدينتين (٤).

وذكر عن ابن عباس أنه كان يَقْرَؤُه: (حم * سق) بغير عينٍ، ويقولُ: إن السينَ عُمْرُ كلِّ فرقةٍ كائنةٍ، وإن القافَ كلُّ جماعةٍ كائنةٍ، ويقولُ: إن عليًّا إنما كان يَعْلَمُ العينَ بها. وذُكِر أن ذلك في مصحفِ عبدِ اللَّهِ على مثلِ الذي ذُكر عن ابن عباسٍ، مِن قراءتِه بغيرِ عينٍ (٥).

وقوله: ﴿كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هكذا يُوحِى إليك يا محمدُ وإلى الذين مِن قبلِك من أنبيائِه. وقيل: إن (حم عين سين ق) أُوحِيَت إلى كلِّ نبيٍّ بعث، كما أُوحِيَت إلى نبيِّنا ، ولذلك قيل: ﴿كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾. في انتقامِه مِن أعدائِه، ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تدبيرِه خلقَه.


(١) في ص، ت، ت: (يجمع).
(٢) سقط من: ص، ت ٢ ت ٣.
(٣) سقط من: م.
(٤) أخرجه نعيم بن حماد في الفتن (٥٦٨) - ومن طريقه الخطيب البغدادى في تاريخه ١/ ٤٠ - عن أبي المغيرة به، وفيه: عن أرطاة عمن حدثه. وذكره ابن كثير في تفسيره ٧/ ١٧٧ عن المصنف، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢ إلى ابن أبي حاتم.
(٥) ينظر مختصر الشواذ ص ١٣٤.