للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ﴿يَخْتِمْ﴾.

وقولُه: ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن الله ذو علمٍ بما في صدورِ خَلْقِه، وما تَنْطَوِى عليه ضمائرهم، لا يَخْفَى عليه من أمورهم شيءٌ. يقولُ لنبيِّه محمدٍ : لو حدَّثْتَ نفسك أن تَفْتَرىَ عليَّ كذبًا، لطَبَعْتُ على قلبك، وأذْهَبْتُ الذي آتيتُك من وحيِى؛ لأنى أَمْحُو الباطل فأُذْهِبُه، وأُحِقُّ الحقَّ. وإنما هذا إخبارٌ مِن اللهِ الكافرين به، الزاعمين أن محمدًا افْتَرَى هذا القرآنَ مِن قِبل نفسه، فأَخْبَرهم أنه لو فعَل ذلك (١) لفَعَل به ما أَخْبَر في هذه الآيةِ. القولُ في تأويلِ قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٢) (٢٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: والله الذي يَقْبَلُ مُراجعةَ العبدِ إذا راجَع (٣) توحيدَ اللهِ وطاعتَه من بعدِ كفرِه، ﴿وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ﴾. يقولُ: ويَعْفُو له أن يُعاقبه على سيئاتِه مِن الأعمال؛ وهى معاصيه التي قد تاب منها.

(ويعلَمُ ما يَفْعَلُونَ). اختَلَفت القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأَته عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرة: (يَفْعَلون) بالياء، بمعنى: ويَعْلَمُ ما يَفْعَلُ عباده. وقَرَأَته عامة قرأةِ الكوفةِ: ﴿تَفْعَلُونَ﴾ بالتاءِ، على وجهِ الخطابِ (٤).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أنهما قراءتان مشهورتان في قرأةِ الأمصار،


(١) سقط من: م.
(٢) هنا وفيما سيأتي في الأصل، ص، ت ١، ت ٢ ت ٣: "يفعلون". وهى القراءة التي اختارها المصنف، وسنثبتها بالياء فيما يأتى بعد إن شاء الله.
(٣) في م، ت ١، ت ٢ ت ٣: "رجع".
(٤) قرأ حمزة والكسائى وخلف وحفص عن عاصم بالتاء، والباقون بالياء. النشر ٢/ ٢٧٥.