للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ﴾ الآيةَ. قال: كان يقالُ: خيرُ الرزقِ ما لا يُطْغيك ولا يُلْهِيك. وذُكِر لنا أن نبيَّ اللهِ قال: "أخوفُ ما أخافُ على أمتى زهرةُ الدنيا وكثرتُها". فقال له قائلٌ: يا نبيَّ اللهِ، هل يأتى الخيرُ بالشرِّ؟ فقال النبيُّ : "هل يأتى الخيرُ بالشرِّ؟ " فأنْزَل اللهُ عليه عندَ ذلك، وكان إذا نزل عليه كُرِب لذلك وترَبَّد وجهُه، حتى إذا سُرَّى عن نبيِّ اللهِ قال: "هل يأتى الخيرُ بالشرِّ؟ ". يقولُها ثلاثًا، وإن الخيرَ لا يأتى إلا بالخير". يقولُها ثلاثًا، وكان وَتِرَ الكلامِ - "ولكنه والله ما كان رَبيعٌ قطُّ إلا أحْبَط أو أَلَمَّ (١)؛ فأما عبدٌ أعْطاه اللهُ مالًا، فوضَعَه في سبيلِ اللهِ التي افْتَرَض وارْتَضَى، فذلك عبدٌ أريد به خيرٌ، وعُزِم له على الخيرِ؛ وأما عبدٌ أعْطاه اللهُ مالًا فوضعه في شَهَواتِه ولَذَّاتِه، وعدله (٢) عن حقِّ اللهِ عليه، فذلك عبدٌ أُرِيد به شرٌّ، وعُزم له على شرٍّ" (٣).

وقولُه: ﴿إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إن الله بما يُصْلِحُ عبادَه ويُفْسِدُهم؛ مِن غنًى وفقرٍ، وسَعَة وإقتارٍ، وغيرِ ذلك مِن مصالحِهم ومضارِّهم، ذو خبرةٍ وعلمٍ، بصيرٌ بتدبيرِهم وصرفِهم فيما فيه صلاحُهم.


= وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٨ إلى سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه.
(١) الربيع: الجدول، وهو النهر الصغير. وأحبط: من حبطت الدابة حَبَطًا، إذا أصابت مرعى طيبا فأمعنت في الأكل حتى تنتفخ فتموت. وألم: قارب الهلاك. فتح البارى ١١/ ٢٤٧ بتصرف.
(٢) في م: "عدل".
(٣) عزاه الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف ٣/ ٢٤٠، والسيوطى في الدر المنثور ٦/ ٨ إلى المصنف.
والحديث المرفوع أخرجه أحمد (١٧/ ٨٣، ٨٥، ٢٤٨، ٢٤٩، ١٨/ ٣٧١، ٣٧٢ (١١٠٣٥، ١١١٥٧، ١١٨٦٥، ١١٨٦٦)، والبخارى (١٤٦٥، ٢٨٤٢، ٦٤٢٧)، ومسلم (١٠٥٢) وغيرهم من حديث أبي سعيد الخدرى بنحوه.