للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ﴾. توبيخًا لهم على قولهم ذلك، فكان معلومًا أن توبيخَه إياهم بذلك إنما هو عمَّا أخبر عنهم من قيلهم ما قالوا في إضافةِ البناتِ إِلى اللهِ ﷿.

وقوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ﴾. يقول تعالى ذكره: إن الإنسان لذو جَحْدٍ لنعَمِ ربِّه التي أنعَمها عليه، ﴿مُبِينٌ﴾. يقولُ: يَبِينُ كفرانُه نِعمَه عليه لمن تأمَّله بفكرِ قلبِه، وتدبُّرِ حالِه.

وقوله: ﴿أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ﴾. يقولً جلّ ثناؤُه مُوَبِّخًا هؤلاء المشركين الذين وصفوه بأن الملائكةَ بناتُه: أتَّخذ ربُّكم أيُّها الجاهلون مما يخلُقُ بناتٍ، وأنتم لا تَرضَونهن لأنفسِكم؟ ﴿وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ﴾. يقولُ: وأَخلَصكم بالبنينَ، فجعَلهم لكم؟

﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وإذا بُشِّر أحدُ (١) هؤلاء الجاعلين لله من عبادِه جُزءًا، ﴿بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا﴾. يقولُ: بما مثَّل للهِ، فشبَّههُ شَبَهًا، وذلك ما وصَفه به مِن أن له بَناتٍ.

كما حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا﴾. قال: ولدًا (٢).

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا﴾: بما جعَل للَّهِ.


(١) بعده في م: "المشركين".
(٢) تفسير مجاهد ص ٥٩٢ بلفظ: "البنات"، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٥ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.