للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منهم بحقِّ الله، وجُرْأَةً منهم على قيل الكذب والباطل. وقرأ ذلك عامة قرأَةِ الكوفة والبصرة: ﴿وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا﴾. بمعنى: جمعُ عَبْدٍ. فمعنى الكلام على قراءة هؤلاء: وجعلوا ملائكة الله الذين هم خَلْقُه وعبادُه، بناتِ الله، فأنثوهم بوصفهم إياهم بأنهم إناثٌ.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أنهما قراءتان معروفتان في قرأة الأمصار، صحيحتا المعنى، فبأيَّتِهما قرأ القارئُ فمصيبٌ، وذلك أن الملائكة عباد الله وعنده.

واختلفوا أيضًا في قراءة قوله: ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾، فقرأ ذلك بعضُ قرأَةِ المدينة: (أشْهِدُوا (١) خَلْقَهُمْ)؟ بضمِّ الألف، على وجه ما لم يسمَّ فاعلُه، بمعنى: أَأَشْهَد الله هؤلاء المشركين الجاعلين ملائكة الله إناثًا خَلْقَ ملائكته الذين هم عندَه، فعلموا ما هم وأنهم إناثٌ، فوصفوهم بذلك لعلمهم بهم، وبرؤيتهم إياهم؟! ثم رُدَّ ذلك إلى ما لم يُسمَّ فاعلُه، [وقرأه بعد عامةُ قرأة الحجاز والكوفة والبصرة: ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾] (٢). بفتح الألفِ، بمعنى: أشهدوا هم ذلك فعلموه؟

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندى أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتِهما قرأ القارئ فمصيبٌ.

وقوله: ﴿سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ﴾. يقول تعالى ذكرُه: ستُكتبُ شهادة هؤلاء القائلين: الملائكةُ بناتُ اللهِ - في الدنيا، بما شهدوا به عليهم، ويُسْئَلون عن شهادتهم تلك في الآخرة، أن يأتوا ببرهان على حقيقتها، ولن يجدوا إلى


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أشهدوا". وقرأ نافع وأبو جعفر بهمزتين؛ الأولى مفتوحة والثانية مضمومة مسهلة. ينظر حجة القراءات ص ٦٤٧، ٦٤٨، والنشر ٢/ ٢٧٦.
(٢) في ص، ت ٢، ت ٣: "وقرأه"، وفى م، ت ١: "وقرئ". وهى قراءة ابن كثير وعاصم وابن عامر وأبي عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف. ينظر المصادر السابقة.