للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى قوله: ﴿لِبُيُوتِهِمْ﴾. فكان بعضُ نحويِّى البصرةِ يزعُمُ أنها أُدخِلت في البيوتِ على البدلِ.

وكان بعضُ نحويِّى الكوفةِ يقولُ (١): إن شئتَ جعلتَها في: ﴿لِبُيُوتِهِمْ﴾ مُكَرَّرةً، كما قال: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢١٧]. وإن شئتَ جعلتَ اللامَين مختلفتَين، كأن الثانيةَ في معنى "على"، كأنه قال: جعَلنا لهم على بيوتِهم سُقُفًا. قال: وتقولُ العربُ للرجلِ في وجهِه: جعَلتُ لك لقومِك الأُعطيةَ. أي جعَلتُه مِن أجلِك لهم.

واختلفَت القرأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿سُقُفًا﴾، فقرَأته عامةُ قرأةٍ أهلُ مكةَ وبعضُ المدنيِّين وعامةُ البصريِّين: (سَقْفًا). بفتح السين وسكون القافِ (٢)، اعتبارًا منهم ذلك بقولِه: ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٢٦]. وتَوْجِيهًا منهم ذلك إلى أنه بلفظ واحدٍ معناه الجمعُ.

وقرَأه بعضُ قرأةِ المدينةِ وعامةُ قرأةِ الكوفةِ: ﴿سُقُفًا﴾، بضَمِّ السينِ والقافِ (٣)، ووجَّهوها إلى أنها جمْعُ سَقِيفةٍ أو سُقُوفٍ. وإذا وُجِّهتْ إلى أنها جمعُ سُقُوف كانت جمعَ الجمعِ؛ لأن السُّقُوفَ جمعُ سَقْفٍ، ثم تُجمَعُ السُّقُوفُ سُقْفًا، فيكونُ ذلك نظيرَ قراءةِ مَن قرأه: (فرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ) [البقرة:٢٨٣] بضمِّ الراءِ والهاءِ (٤)، وهى جمعُ (٥) الجمعِ، واحدُها رِهانٌ ورُهُونٌ، وواحدُ الرُّهونِ والرِّهانِ:


(١) هو الفراء. ينظر معاني القرآن ٣/ ٣١.
(٢) هي قراءة ابن كثير وأبى عمرو. ينظر السبعة ص ٥٨٥.
(٣) هي قراءة نافع وعاصم وابن عامر وحمزة والكسائي. ينظر السبعة ص ٥٨٥.
(٤) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو. ينظر المصدر السابق ص ١٩٤.
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.