للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ﴾. قال: بل أنا خيرٌ من هذا.

وبنحو ذلك كان يقولُ بعضُ أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة.

وقال بعض نحويّي الكوفة: هو من الاستفهام الذي جعل بـ "أم"؛ لاتصاله بكلامٍ قبله. قال: وإن شئتَ رَدَدْتَه على قوله: ﴿أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ﴾؟ وإذا وُجِّه الكلام إلى أنه استفهام، وجب أن يكون في الكلام محذوف استغنى بذكر ما ذكر مما تُرك ذكره، ويكون معنى الكلام حينئذ: أنا خيرٌ أيُّها القومُ من هذا الذي هو مَهِينٌ، أم هو؟

وذكر عن بعض القرأة أنه كان يقرأُ ذلك: (أَمَا (١) أنا خَيْرٌ)؟

حُدِّثْتُ بذلك عن الفراءِ، قال: أخبرني بعضُ المشيخة، أنه بلغه أن بعض القرأة قرأه كذلك (٢).

ولو كانت هذه القراءةُ قراءةً مُسْتفيضةً في قَرَأةِ الأمصار، لكانت صحيحة، وكان معناها حَسَنًا، غير أنها خلافُ ما عليه قرأة الأمصار، فلا أستجيز القراءة بها، وعلى هذه القراءة، لو صحت، لا كُلْفةَ له في معناها ولا مُؤْنةَ.

والصوابُ مِن القراءة في ذلك ما عليه قرأة الأمصار.

فأولى التأويلات بالكلام، إذ كان ذلك كذلك، تأويلُ مَن جَعَل: ﴿أَمْ أَنَا خَيْرٌ﴾ من الاستفهام الذي جعل بـ ﴿أم﴾؛ لاتصاله بما قبله من الكلام، ووَجهَه إلى أنه بمعنى: أأنا خيرٌ من هذا الذي هو مهين أم هو؟ ثم ترك ذكره "أم هو"؛ لما في الكلام من الدليل عليه.


(١) في ص، ت ١، ت ٣: "أم" وقراءة (أما) شاذة. ينظر معاني القرآن للفراء ٣/ ٣٥.
(٢) معاني القرآن للفراء ٣/ ٣٥.