للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلف أهل العربية في واحدِ الأساورة، والأسورةِ؛ فقال بعضُ نحويِّى البصرة: الأسورة جمعُ إسْوارٍ، قال: والأساورة جمع الأسْورةِ، وقال: ومَن قرأ ذلك: (أساورةٌ)، فإنه أراد أساوير، والله أعلم، فجعل "الهاء" عوضًا من الياء، مثل الزنادقة، صارت "الهاءُ" فيها عوضًا مِن الياء التي في زناديق.

وقال بعضُ نحويى الكوفة (١): مَن قَرأ: (أساورةٌ) جعَل واحدها: إسوارٌ، ومن قرأ: ﴿أَسْوِرَةٌ﴾ جعل واحدها: سوارٌ. وقال: قد تكونُ الأَساورةُ جمع أَسْورة، كما يقالُ في جمعِ الأسْقية: الأساقي. وفى جمعِ الأَكْرُعِ: الأَكَارِعُ. وقال آخر منهم: قد قيل في سوار اليد: يجوز فيه أُسْوارٌ وإسْوارٌ، قال: فيجوز على هذه اللغة أن يكونَ "أساورةٌ" جمعه. وحُكى عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقولُ: واحد الأساورة إسوارٌ. قال: وتصديقه في قراءةِ أُبَى بن كعبٍ: (فَلَولا أُلْقِيَ عليه أساورة من ذهب) فإن كان ما حكى من الرواية، مِن أنه يجوز أن يقال في سِوارِ اليد: إسوارٌ، فلا مُؤنةَ في جمعِه أَسَاوِرَةٌ، ولستُ أعلم ذلك صحيحًا عن العرب برواية عنها، وذلك أن المعروف في كلامهم من معنى الإسْوار: الرجلُ الرامي؛ الحاذق بالرَّمْي، من رجالِ العَجَمِ. وأما الذي يُلْبَسُ في اليدِ، فإن المعروف مِن أسمائه عندهم سوار.

فإذا كان ذلك كذلك، فالذى هو أولى بالأساورة أن يكون جمع أَسْورةٍ على ما قاله الذي ذكرنا قوله في ذلك.

وقوله: ﴿أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾. يقولُ: أَو هَلَّا إن كان صادقًا جاء معه الملائكةُ مقترنين، قد اقترن بعضُهم ببعض، فَتَتابعوا يشهدون له بأنه للَّهِ رسول إليهم؟


(١) هو الفراء في معاني القرآن ٣/ ٣٥.