للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهل الجهلِ مِن أهل الشرك باللَّهِ أنه إنما نفى بذلك عن الله ﷿ أن يكونَ كان (١) له ولدٌ قبل بعض الأوقاتِ، ثم حدث (٢) له الولد بعد أن لم يكن. مع أنه لو كان ذلك معناه، لقدر الذين (٣) أمر الله نبيه محمدًا أن يقول لهم: ما كان للرحمن ولد، فأنا أوّلُ العابدين. أن يقولوا له: صَدَقْتَ، وهو كما قُلْتَ، ونحن لم نَزْعُمُ أَنه لم يَزَلْ له ولدٌ. وإنما قلنا: لم يكن له ولدٌ، ثم خلق الجن فصاهَرهم، فحدث له منهم ولد. كما أخبر الله ﷿ عنهم أنهم كانوا يقولونه، ولم يكن الله تعالى ذكره ليحتج لنبيه على (٤) مكذبيه من الحجَّةِ بما يَقْدِرون على الطعن فيه، وإذ كان في توجيهنا "إِنْ" إلى معنى الجَحْدِ ما ذكرنا، فالذى هو أشبه المعنيين بها الشرط. وإذ كان ذلك كذلك، فبيِّنةٌ صحة ما نقولُ من أنّ معنى الكلام: قل يا محمد لمشركي قومك الزاعمين أنّ الملائكة بناتُ اللهِ: إن كان للرحمن ولد فأنا أوَّلُ عابدِيه بذلك منكم، ولكنه لا ولدَ له، فأنا أعبده بأنه لا ولد له، ولا ينبغى أن يكون له (٥).

وإذا وجِّه الكلام إلى ما قلنا من هذا الوجه، لم يكن على وجه الشك، ولكن على وجه الإلطاف في الكلام، وحُسنِ الخطاب، كما قال الله جل ثناؤه: ﴿قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [سبأ: ٢٤]. وقد علم أن الحق معه، وأن مخالفيه في الضلالِ المبين.

وقوله: ﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾: يقول تعالى ذكره: تَبْرِئةٌ وتنزيها لمالك السماوات والأرض، ومالك العرش، المحيط بذلك كله، وما في ذلك من


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٣.
(٢) في م، ت ٣: "أحدث".
(٣) في ص، ت ٢: "الذي".
(٤) في ص، م، ت ٣: "وعلى".
(٥) بعده في ت ١، ت ٢، ت ٣: "ولد".