حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا أبو معاويةَ، قال: ثنا عمرُو بنُ ميمونٍ، عن أبيه، عن عبدِ اللَّهِ في قولِه: ﴿كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ﴾ [الكهف: ٢٩]. قال: دخَل عبدُ اللَّهِ بيتَ المالِ، فأخرَج سِقَايةً (١) كانت فيه، فأوقَد عليها النارَ حتى تلألأت، قال: أينَ السائلُ عن المهلِ؟ هذا المهلُ.
حدَّثنا ابن بشارٍ، قال: ثنا ابن أبى عديٍّ، وحدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، قال: ثنا خالدُ بنُ الحارثِ، عن عوفٍ، عن الحسنِ، قال: بلَغنى أن ابنَ مسعودٍ سُئل عن المهلِ الذي يقولون يومَ القيامةِ: شرابُ أهلُ النار. وهو على بيتِ المالِ، قال: فدعَا بذهبٍ وفضةٍ فأذابَهما، فقال: هذا أشبهُ شيءٍ في الدنيا بالمهلِ الذي هو لونُ السماءُ يومَ القيامةِ، وشرابُ أهلِ النارِ، غيرَ أنَّ ذلك هو أشدُّ حرًّا من هذا. لفظُ الحديثِ لابنِ بشارٍ، وحديثُ ابن المثنى نحوُه.
حدَّثنا أبو كُرَيبٍ وأبو السائبِ، قالا: ثنا ابن إدريسَ، قال: أخبَرنا أشعثُ، عن الحسنِ، قال: كان من كلامِه، أن عبدَ اللَّهِ بن مسعودٍ رجلٌ أكرَمه اللَّهُ بصحبةِ محمدٍ ﷺ، فإن عمرَ استعمَله على بيتِ المالِ، قال: فعمِد إلى فضةٍ كثيرةٍ مُكَسَّرةٍ، فخدَّ لها أُخدودًا، ثم أمَر بحطبٍ جَزْلٍ فأوقَد عليها، حتى إذا امَّاعت وتزبَّدت وعادت ألوانًا، قال: انظُروا مَن بالبابِ. فأُدخِل القومُ، فقال لهم: هذا أشبهُ ما رأينا في الدنيا بالمُهْلِ.
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ﴾ الآية: ذُكِر لنا أن ابنَ مسعودٍ أُهديَت له سقايةٌ من ذهبٍ وفضةٍ، فأمَر بأخدودٍ فخُدَّت في الأرضِ، ثم قُذف فيها من جَزْلِ الحطبِ، ثم قُذِفت فيها تلك السقايةُ، حتى إذا أزبَدت وأنْماعت قال لغلامِه: ادعُ مَن بحضرتِنا
(١) في م: "بقايا"، وفى ت ١: "نفاية"، وفى ت ٢، ت ٣: "بقاية".