للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه" (١).

حدَّثنا محمدُ بنُ المثنَّى، قال: ثنا يعمرُ بنُ بشرٍ، قال: أخبَرنا ابن المباركِ، قال: أخبَرنا رِشدِينُ بنُ سعدٍ، قال: ثني عمرُو بنُ الحارثِ، عن أبي السمحِ، عن أبي الهيثمِ، عن أبي سعيدٍ الخدريِّ، عن النبيِّ مثلَه (٢).

وقولُه: ﴿يَغْلِي فِي الْبُطُونِ﴾. اختلَفت القرَأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامةُ قرأةِ المدينةِ والبصرةِ والكوفةِ: (تَغْلِي) بالتاءِ (٣)، بمعنى أن شجرةَ الزقومِ تَغْلى في بطونِهم، فأنَّثوا "تَغْلى" لتأنيثِ الشجرةِ. وقرَأ ذلك بعضُ قرَأةِ أهلُ مكةَ (٤): ﴿يَغْلِي﴾. بمعنى: طعامُ الأثيمِ يَغْلى. أو: المُهْلُ يَغْلى. فذكَّره بعضُهم لتذكيرِ الطعامِ، ووجَّه معناه إلى أن الطعامَ هو الذي يَغْلى في بطونِهم، وبعضُهم لتذكيرِ المهلِ، ووجَّهه إلى أنَّه صفةٌ للمهلِ الذي يَغْلى.

والصوابُ مِن القولِ في ذلك أنَّهما قراءتان معروفتان صحيحتا المعنى، فبأيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

﴿كَغَلْيِ الْحَمِيمِ﴾. يقولُ: يَغْلى ذلك في بطونِ هؤلاء الأشقياءِ، كَغَلْيِ الماءِ المحمومِ، وهو المسخَّنُ الذي قد أُوقِد عليه حتى تناهت شدَّةُ حرِّه.


(١) أخرجه الترمذى (٢٥٨١) عن أبي كريب به، وأخرجه الحاكم ٤/ ٦٠٤ من طريق عبد اللَّهِ بن وهب، عن عمرو به، وأخرجه ابن أبي الدنيا في صفة النار (٧٦)، وابن حبان (٧٤٧٣)، والحاكم ٢/ ٥٠١، والبيهقي في البعث (٦٠٤) من طريق عمرو به، وأخرجه أحمد ٢١٠/ ١٨ (١١٦٧٢)، وأبو يعلى (١٣٧٥) من طريق دراج به. وتقدم في ١٥/ ٢٥٠.
(٢) أخرجه ابن المبارك في الزهد (٣١٦) - زوائد نعيم - ومن طريقه عبد بن حميد في المنتخب (٩٢٨).
(٣) وهي قراءة عاصم في رواية أبي بكر وأبي عمرو وابن عامر ونافع وحمزة والكسائي. السبعة لابن مجاهد ص ٥٩٢.
(٤) في م: "الكوفة"، وهى قراءة ابن كثير، وحفص عن عاصم. المصدر السابق.