للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك شأنَه (١): دخولَه في الدنيا، ومُقامَه فيها كم؟ وخروجَه منها كيف؟ ثم جعَل على العبادِ حَفَظَةً، وعلى الكتابِ خُزَّانًا، فالحفظةُ ينسَخون كلَّ يومٍ من الخُزَّانِ عملَ ذلك اليومِ، فإذا فَنِى الرزقُ وانقطَع الأثرُ، وانقَضى الأجلُ، أتَتِ الحفظةُ الخزنةَ يطلبون عملَ ذلك اليوم، فتقولُ لهم الخزنةُ: ما نجدُ لصاحبِكم عندَنا شيئًا. فترجعُ الحفظةُ [فيجِدونهم قد ماتوا] (٢). قال: فقال ابن عباسٍ: ألستم قومًا عربًا؟ تسمعون الحَفَظةَ يقولون: ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. وهل يكونُ الاستِنساخُ إلا من أصلٍ (٣).

حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا حكامٌ، عن عمرٍو، عن عطاءٍ، عن الحكمِ، عن مقسمٍ، عن ابن عباسٍ: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ﴾. قال: الكتابُ الذكرُ، ﴿إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. قال: نستنسخُ الأعمالَ.

وقال آخرون في ذلك ما حدَّثنا الحسنُ بنُ عرفةَ، قال: ثنا النضرُ بنُ إسماعيلَ، عن أبي سنانٍ (٤) الشيبانيِّ، عن عطاءِ بن أبي رباحٍ، عن أبي عبدِ الرحمنِ السلميِّ، عن عليّ بن أبي طالبٍ أنه قال: إن للهِ ملائكةً ينزِلون في كلِّ يومٍ بشيءٍ؛ يكتُبون فيه أعمالَ بني آدَمَ (٣).

وقولُه: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فأما الذين آمَنوا باللهِ في الدنيا فوحَّدوه، ولم يشرِكوا به شيئًا، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾. يقولُ: وعمِلوا بما أمَرهم اللهُ به، وانتهَوا عما نهاهم اللهُ عنه، ﴿فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ﴾. يعني: في جنتِه برحمتِه.


(١) في ص: "شامه"، وفى ت ٢: "سامة"، وفي ت ٣: "سامه".
(٢) في ت ١: "فيجدونه قد مات".
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٦ إلى المصنف.
(٤) في ت ١، ت ٢: "شيبان".