للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا ابن عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابن ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾. قال: هم المنافقون. وكان يقالُ: الناسُ ثلاثةٌ؛ سامعٌ فعاملٌ، وسامعٌ فعاقلٌ (١)، وسامعٌ فتاركٌ (٢).

حدَّثنا أبو كُرِيبٍ، قال: ثنا يحيى بنُ آدمَ، قال: ثنا شريكٌ، عن عثمانَ أبي اليقظانِ، عن يحيى بن الجزَّارِ، أو سعيدِ بن جُبَيرٍ، عن ابن عباسٍ في قولهِ: ﴿حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا﴾. قال ابن عباسٍ: أنا منهم، وقد سُئلتُ في من سُئل (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ﴾ الآية. قال: هؤلاء المنافقون، والذين أُوتُوا العلم الصحابةُ (٤).

وقولُه: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الذين هذه صفتُهم هم القومُ الذين ختم اللهُ على قلوبِهم، فهم لا يهتدون للحقِّ الذي بعَث اللهُ به رسولَه ، ﴿وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾. يقولُ: ورفَضوا أمرَ اللَّهِ، واتَّبَعوا ما دعَتْهم إليه أنفسُهم، فهم لا يرجِعون مما هم عليه إلى حقيقةٍ ولا بُرْهانٍ. وسوَّى جلَّ ثناؤُه بينَ صفةِ هؤلاء المنافقين وبينَ المشركين، في أن جميعَهم إنما يتبعون فيما هم عليه من فراقِهم دينَ اللهِ الذي ابتعَث به محمدًا أهواءَهم، فقال في هؤلاء المنافقين: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا


(١) في م، ت ١: "فغافل".
(٢) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٢٢ عن معمر به.
(٣) أخرجه الحاكم ٢/ ٤٥٧ من طريق يحيى بن آدم به، ولم يذكر يحيى بن الجزار.
(٤) ذكره القرطبي في تفسيره ١٦/ ٢٣٨.