للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولُه: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فهل ينظُرُ هؤلاء المكذِّبون بآياتِ الله من أهلِ الكفرِ والنفاقِ، إلا الساعة التي وعد الله خلقه بعثهم فيها من قبورهم أحياء، أن تجيئَهم فجأةً لا يشعرون بمجيئها. والمعنى: هل ينظُرون إلا الساعةَ، هل ينظُرون إلا أن تأتيهم بغتةً.

و"أنْ" من قولِه: "إِلَّا أَنْ" في موضعِ نصبٍ بالردِّ على "الساعةِ".

وعلى فتحِ الألفِ من ﴿أَنْ تَأْتِيَهُمْ﴾. ونصْبِ ﴿تَأْتِيَهُمْ﴾ بها قرأةُ أهلِ الكوفةِ.

وقد حُدِّثتُ عن الفرَّاءِ، قال: حدَّثني أبو جعفرٍ الرُّؤاسيُّ، قال: قلتُ لأبي عمرو بن العلاءِ: ما هذه الفاءُ التي في قولِه: ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾؟ قال: جوابُ الجزاءِ. قال: قلتُ: إنها: (إنْ تأتيهم)؟ قال: فقال: معاذَ اللهِ، إنما هي: (إن تَأْتِهِمْ). قال الفرَّاءُ: فظَنَنتُ أنه أخَذها عن أهلِ مكةَ؛ لأنه عليهم (١) قرَأ. قال الفرَّاءُ: وهى أيضًا في بعضِ مصاحفِ الكوفيِّين (٢) بسِينَةٍ (٣) واحدةٍ: (تَأْتِهِمْ). ولم يقرَأْ بها أحدٌ منهم (٤).

وتأويلُ الكلامِ على قراءةِ مَن قرأ ذلك بكسرِ ألفِ "إن" وجزمِ "تأتهم": فهل ينظُرون إلا الساعةَ؟ فيُجعلُ الخبرُ عن انتظارِ هؤلاء الكفارِ الساعةَ متناهيًا عندَ قولِه: ﴿إِلَّا السَّاعَةَ﴾. ثم يُبْتدأُ الكلامُ فيقالُ: إن تأتِهم الساعةُ بغتةً فقد جاء أشراطُها. فتكونُ الفاءُ من قولِه: ﴿فَقَدْ جَاءَ﴾ بجوابِ الجزاءِ. وقولُه: ﴿فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا﴾. يقولُ: فقد جاء هؤلاء الكافرين باللهِ الساعةُ


(١) سقط من: م.
(٢) ينظر المصاحف لابن أبي داود ص ٤٠، ٤١.
(٣) في م، ت ١: "بسنة". وفى ت ٢: "نسبته"، وفى ت ٣،: "نسبة". والمثبت موافق لما في معاني القرآن.
(٤) معاني القرآن ٣/ ٦١.