للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾: [والمعرةُ الغُرْمُ. أي: أن تُصِيبُوا منهم معرةً بغير علمٍ] (١) فتُخرِجوا دِيَتَه، فأمّا إثمٌ فلم يَخْشَه (٢) عليهم (٣).

والمَعَرَّةُ هي المَفْعَلَة من العُرِّ، وهو الجَرَبُ.

وإنما المعنى: فتُصيبَكم من قِبَلِهم معرَّةٌ تُعَرُّون بها، يَلْزَمُكم من أجلِها كفارةُ قتلِ الخطأ،؛ وذلك عِتْقُ رقبةٍ مؤمنةٍ مَن أطاق ذلك، ومَن لم يُطِق فصيامُ شهرين.

وإنما اختَرْتُ هذا القولَ دونَ القولِ الذي قاله ابن إسحاقَ؛ لأنّ الله إنما أوجَب على قاتلِ المؤمنِ في دارِ الحربِ إذا لم يكنْ هاجَر منها، ولم يكنْ قاتِلُه عَلم إيمانَه - الكفارةَ دونَ الدِّيَةِ، فقال: ﴿فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ﴾ [النساء: ٩٢]. ولم يُوجِبْ على قاتلِه خطأ دِيَةً (٤)، فلذلك قلنا: عُنِى بالمعرَّةِ في هذا الموضعِ الكفارةُ.

و ﴿أَنْ﴾ مِن قولِه: ﴿أَنْ تَطَئُوهُمْ﴾ في موضعِ رفعٍ، ردًّا على "الرجال"؛ لأن معنى الكلامِ: ولولا أن تطَئوا رجالًا مؤمنين ونساءً مؤمناتٍ لم تَعْلموهم، فتُصيبَكم منهم مَعَرَّةٌ بغيرِ علمٍ - لأذِن اللهُ لكم أيُّها المؤمنون في دخولِ مكةَ، ولكنه حال بينَكم وبينَ ذلك؛ ﴿لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾. يقولُ: ليُدْخِلَ اللهُ في الإسلامِ مِن أهلِ مكةَ مَن يشاءُ قبل أن تَدْخُلوها. وحُذِف جوابُ "لولا" استغناءً بدلالةِ الكلامِ عليه.

وقولُه: ﴿لَوْ تَزَيَّلُوا﴾. يقولُ: لو تَميَّز الذين في مشركي مكةَ مِن الرجالِ المؤمنين والنساءِ المؤمناتِ، الذين لم تَعْلموهم منهم، ففارَقوهم وخرَجوا مِن بين


(١) سقط من النسخ والمثبت من مصدر التخريج.
(٢) في م: "يحسبه"، وفى ت:٢ "يحببه"، وفى ت: "يحبسه".
(٣) سيرة ابن هشام ٢/ ٣٢١.
(٤) في ص، م، ت ٢ ت ٣: "ديته".