للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن بني المُصْطلِقِ قد منَعوا صَدَقاتِهم. فغَضِب رسولُ اللَّهِ والمسلمون، قال: فبلَغ القومَ رجوعُه، قال: فأتَوا رسولَ اللَّهِ فصفُّوا له حينَ صلَّى الظُّهرَ، فقالوا: نعوذُ باللَّهِ من سَخَطِ اللَّهِ وسَخَطِ رسولِه، بعَثتَ إلينا رجلًا مُصَدِّقًا (١)، فسُرِرْنا بذلك وقرَّت به أعيُنُنا، ثم إنه رجَع من بعضِ الطريقِ، فخَشِينا أن يكونَ ذلك غضَبًا من اللَّهِ ومِن رسولِه، فلم يزالوا يُكلِّمونه حتى جاء بلالٌ وأذَّن بصلاةِ العصرِ. قال: ونزَلت: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ﴾ (٢).

حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ إلى آخرِ الآيةِ. قال: وكان رسولُ اللَّهِ بعَث الوليدَ بنُ عُقْبَةَ بنِ أبي مُعَيطٍ، ثم أحدَ بني عمرِو بنِ أميةَ، ثم أحدَ بني أبي مُعَيطٍ إلى بني المُصْطَلِقِ، ليأخُذَ منهمُ الصَّدقاتِ، وإنهم (٣) لما أتاهم الخبرُ فَرِحوا، وخَرَجوا لِيَتَلقَّوا رسولَ رسولِ اللَّهِ ، وإنه لمّا حُدِّث الوليدُ أنهم خرَجوا يتلَقَّونه رجَع إلى رسولِ اللَّهِ ، فقال: يا رسولَ اللَّهِ، إن بني المُصطَلِقِ قد منَعوا الصَّدقةَ. فغَضِب رسولُ اللَّهِ [من ذلك] (٤) غضَبًا شديدًا، فبَينا هو يُحدِّثُ نفسَه أن يغزُوَهم، إذ أتاه الوفدُ، فقالوا: يا رسولَ اللَّهِ، إنا حُدِّثنا أن رسولَك رجَع مِن نصفِ الطريقِ، وإنَّا خَشِينا أن يكونَ إِنما رَدَّه كتابٌ جاء منك. لِغَضَبٍ غَضِبتَه علَيْنا، وإنا نعوذُ باللَّهِ من غضبِه وغضَبِ


(١) المُصَدِّق: هو عامل الزكاة الذي يستوفيها من أربابها. النهاية ٣/ ١٨.
(٢) أخرجه إسحاق بن راهويه - كما في المطالب (٤١١١) - والطبراني ٢٣/ ٤٠١ (٩٦٠) من طريق موسى بن عبيدة به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٨٨ إلى ابن مردويه.
(٣) في م، ت ٢ ت ٣: "وإنه".
(٤) سقط من: م، ت ٢، ت ٣.