للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾. قال: اسْتَسْلَمْنا (١).

حدَّثنا يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ، وقرَأ قولَ اللَّهِ: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾: اسْتَسْلَمْنا؛ دخَلْنَا فِي السِّلْمِ، وترَكْنا المحاربةَ والقتالَ بقولِهم: لا إلهَ إِلَّا اللَّهُ. وقال: قال رسولُ اللَّهِ : "أُمِرتُ أَن أُقاتِلَ النَّاسَ حتى يقولوا لا إلهَ إِلَّا اللَّهُ، فإذا قالوا لا إلهَ إِلَّا اللَّهُ، عصَموا مني دماءَهم وأموالَهم إلَّا بحقِّها، وحسابُهم على اللَّهِ" (٢).

وأولى الأقوالِ بالصوابِ في تأويلِ ذلك القولُ الذي ذكَرْناه عن الزهريِّ، وهو أن اللَّهَ تقدَّم إلى هؤلاء الأعرابِ الذين دخَلوا في الملَّةِ إقرارًا منهم بالقولِ، ولم يُحقِّقوا قولَهم بعمَلِهم أن يقولوا بالإطلاقِ: آمنَّا. دونَ تقييدِ قولِهم ذلك بأن يقولوا: آمنَّا باللَّهِ ورسولِه. ولكن أمَرهم أن يقولوا القولَ الذي لا يُشْكِلُ على سامِعيهِ، والذي قائلُه (٣) فيه مُحِقٌّ، وهو أن يقولوا: أسْلَمنا. بمعنى: دخَلْنا في الملةِ، [وحقَنَّا الدماءَ] (٤) والأموالَ، بشهادةِ (٥) الحقِّ.

وقولُه: ﴿وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ولمَّا يدخلِ العلمُ بشرائعِ الإيمانِ وحقائقِ معانِيه في قلوبِكم.

وقولُه: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا﴾. يقولُ تعالى


(١) تفسير سفيان ص ٢٧٩.
(٢) الحديث المرفوع أخرجه ابن أبي شيبة ١٠/ ١٢٢، والبخاري (١٣٩٩)، ومسلم (٢١/ ٣٥)، وأبو داود (٢٦٤٠)، والترمذي (٢٦٠٦)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (٥٨٥١ - ٥٨٦١)، والبيهقي ٣/ ٩٢ وغيرهم من حديث أبي هريرة.
(٣) في ص، ت ١، ت ٣: "قائلهم".
(٤) سقط من ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٥) في ص، ت ٣: "الشهادة"، وفي م، ت ١: "والشهادة".