للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البلادِ غيرَه.

كما حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ، قال: ذُكِرَ لنا أن الحرَمَ حُرِّمَ [بحيالِه إلى العرشِ] (١). وذُكِر لنا أن البيتَ هبَط مع آدمَ حينَ هبَط، قال اللهُ له: أُهْبِطُ معك بيتي يُطافُ حولَه كما يُطافُ حولَ عَرْشِي. فطافَ حولَه آدمُ ومَن كان بعدَه مِن المؤمنين، حتى إذا كان زمنُ الطُّوفانِ -حين أغْرَق اللهُ قومَ نوحٍ- رفَعه وطَهَّره فلم تُصِبْه عُقوبةُ أهلِ الأرضِ، فتَتبَّع منه إبراهيمُ أثرًا، فبَناه على أساسٍ قديمٍ كان قبلَه (٢).

فإن قال لنا قائلٌ: أو ما كان الحرمُ آمنًا إلا بعدَ ما سأَل إبراهيمُ ربَّه له الأمانَ؟

قيل: قد اخْتُلِفَ في ذلك؛ فقال بعضُهم: لم يَزَلِ الحرمُ آمنًا مِن عقوبةِ اللهِ وعقوبةِ جبابرةِ خلقِه، منذُ خُلِقَتِ السماواتُ والأرضُ.

واعْتَلُّوا في ذلك بما حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا يونسُ بنُ بُكَيرٍ، عن محمدِ بنِ إسحاقَ، قال: حدَّثني سعيدُ بنُ أبي سعيدٍ المَقْبُريُّ، قال: سمِعت أبا شُريحٍ الخُزاعيَّ يقولُ: إن رسولَ اللهِ لما افْتَتح مكةَ قَتَلت خُزَاعةُ رجلًا مِن هُذَيلٍ، فقام رسولُ اللهِ خطيبًا فقال: "يا أيُّها الناسُ، إن اللهَ حرَّم مكةَ يومَ خلَق السماواتِ والأرضَ، فهى حرامٌ بحرامِ (٣) اللهِ إلى يومِ القيامةِ، لا يَحِلُّ لامرئٍ يُؤْمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ أن يَسْفِكَ فيها (٤) دمًا، أو يَعْضِدَ بها شجرًا (٥)، وإنها لا تَحِلُّ لأحدٍ بعدِي،


(١) في حاشية الأصل: "في الأم: بحياله العرش".
(٢) أخرجه الأزرقي في أخبار مكة ١/ ٣٥٥ من طريق يزيد به إلى قوله: "العرش".
(٣) في م، ت ٢: "بحرمة".
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بها".
(٥) بعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "ألا".