للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دخَلوها أفرَجت عنهم، حتى إذا توسَّطوها أحاطت بهم فأحرَقتهم، فأسلَم تُبَّعٌ، وكان رجلًا صالحًا (١).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا سلمةُ، عن ابن إسحاقَ، عن أبي مالكِ بنِ ثعلبةَ بنِ أبي مالكٍ القُرَظيِّ، قال: سمِعتُ إبراهيمَ بنَ محمدِ (٢) بنِ طلحةَ بنِ عبيدِ (٣) اللَّهِ يُحدِّثُ أن تُبَّعًا لما دنا من اليمنِ ليَدْخُلَها، حالت حِمْيَرُ دينِه وبينَ ذلك، وقالوا: لا تَدْخُلْها علينا وقد فارَقتَ دينَنا. فدعاهم إلى دينِه وقال: إنه (٤) خيرٌ من دينِكم. قالوا: فحاكِمْنا إلى النارِ. قال: نعَمْ. قال: وكانت باليمنِ - فيما يَزْعُمُ أهلُ اليمنِ - نارٌ تَحْكُمُ فيما بينَهم فيما يَخْتَلِفون فيه؛ تَأْكُلُ الظالمَ ولا تَضُرُّ المظلومَ، فلما قالوا ذلك لتُبَّعٍ، قال: أنصَفتُم. فخرَج قومُه بأوثانِهم وما يتقرَّبون به في دينِهم. قال: وخرَج الحَبْران بمصاحفِهما في أعناقِهما مُتَقلِّدَيها، حتى قعَدوا للنارِ عندَ مخرجِها التي تَخْرُجُ منه، فخرَجت النارُ إليهم، فلما أقبَلت نحوَهم حادُوا عنها وهابوها، فذَمَرهم (٥) مَن حضَرهم من الناسِ، وأمَروهم بالصبرِ لها، فصبَروا حتى غشِيتْهم، فأكَلت الأوثانَ وما قرَّبوا معها ومن حمَل ذلك من رجالِ حِميَرَ، وخرَج الحبرانِ بمصاحفِهما في أعناقِهما، تَعْرَقُ جباهُهما، لم تضرَّهما، فأَصْفَقَت (٦) حِمْيَرُ عندَ ذلك على دينِه. فمن هنالك وعن (٧) ذلك كان أصلُ اليهوديةِ باليمنِ (٨).


(١) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق ١١/ ٧ من طريق يزيد بن زريع به بنحوه. وأخرجه ابن أبي شيبة ١١/ ٥٦٦ من طريق عمران بن حدير بنحوه.
(٢) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "القرظي قال سمعت إبراهيم بن محمد"، وهو تكرار.
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عبد". وتنظر ترجمته في تهذيب الكمال ٢/ ١٧٢.
(٤) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، وتاريخ المصنف: "دين".
(٥) في م، ت ٢، ت ٣: "فرموهم"، وفي ص، ت ١: "فزبرهم". والذَّمْر: الحث مع لوم واستبطاء. اللسان (ذ م ر)
(٦) في م: "فأطبقت"، وأصفقوا على الأمر وأطبقوا عليه: اجتمعوا عليه. اللسان (ص ف ق، ط ب ق).
(٧) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "غير".
(٨) سيرة ابن هشام ١/ ٢٧. وأخرجه المصنف في التاريخ ٢/ ١٠٨.