للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وَجَاءَتْ سَكْرَةُ [الْحَقِّ بِالْمَوْتِ] (١) ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ).

وقد ذُكِر أن ذلك كذلك في قراءةِ ابنِ مسعودٍ (٢)، ولقراءةِ مَن قرَأ ذلك كذلك وجهان من التأويلِ؛ أحدُهما: وجاءت سكرةُ اللَّهِ بالموتِ، فيَكونُ الحقُّ هو اللَّهَ تعالى ذكرُه. والثاني: أن تكونَ السكرةُ هي الموتُ، أُضِيفت إلى نفسِها، كما قيل: ﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ [الواقعة: ٩٥]. ويكونُ تأويلُ الكلامِ: وجاءت السكرةُ الحقُّ بالموتِ.

وقولُه: ﴿ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ﴾. يقولُ: هذه السكرةُ التي جاءتك أيُّها الإنسانُ بالحقِّ هو الشيءُ الذي كنتَ منه تَهْرُبُ، وعنه تَرُوغُ.

وقولُه: ﴿وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ﴾. قد تقدَّم بيانُنا عن معنى "الصُّورِ"، وكيفَ النَّفْخُ فيه، بذكرِ اختلافِ المختلفين، والذي هو أولى الأقوالِ عندَنا فيه بالصوابِ، بما أغنَى عن إعادتِه في هذا الموضعِ (٣).

وقولُه: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ﴾. يقولُ: هذا اليومُ الذي يُنْفَخُ فيه (٤) [في الصورِ] (٥) هو يومُ الوعيدِ الذي وعَده اللَّهُ ﷿ الكفارَ أن يُعَذِّبَهم فيه.


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "الموت بالحق".
والأثر أخرجه ابن الأنباري - كما في تفسير القرطبي ١٧/ ١٢ - من طريق منصور بن المعتمر عن أبي وائل عن مسروق قوله، وأخرجه ابن سعد ٣/ ١٩٥، ١٩٦ من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله البهي عن عائشة، وأخرجه أحمد في الزهد ص ١٠٩، وابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين (٣٦) من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله البهي قوله. وينظر فضائل القرآن لأبي عبيد ص ١٨٤، ١٨٥، وذكره السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٠٥ عن عبد الله بن البهي، وعزاه إلى المصنف وأحمد. وجميعهم ساق الآية كما هي في المصحف.
(٢) ذكره القرطبي في تفسيره ١٧/ ١٢.
(٣) ينظر ما تقدم في ٩/ ٣٣٩ - ٣٤١.
(٤) سقط من: ص، ت ١.
(٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.