للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ﴾ [الروم: ٢٠]. قال: وفينا آياتٌ كثيرةٌ، هذا السمعُ والبصرُ واللسانُ والقلبُ، [لا يَدْري أحدٌ ما هو أسودُ أو أحمرُ، وهذا الكلامُ الذي يَتَلَجْلَجُ به، وهذا القلبُ] (١) أيُّ شيءٍ هو، إنما هو بِضْعَةٌ (٢) في جوفِه، يجعلُ اللَّهُ فيه العقلَ، أفيَدْري أحدٌ ما ذاك العقلُ، وما صفتُه، وكيف هو (٣)؟!

والصوابُ من القولِ في ذلك أن يقالَ: معنى ذلك: وفي أنفسِكم أيُّها الناسُ أيضًا آياتٌ وعِبَرٌ، تدُلُّكم على وحدانيةِ صانِعكم، وأنه لا إلهَ لكم سواه، إذ كان لا شيءَ يَقْدِرُ أن يخلقَ مثلَ خَلْقِه إيَّاكم. ﴿أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾. يقولُ: أفلا تَنْظُرون في ذلك، فتَتَفَكروا فيه، فتعلَموا حقيقةَ وحدانيةِ خالقِكم.

وقولُه: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وفي السماءِ المطرُ والثَّلْجُ اللذان بهما تُخرِجُ الأرضُ رزقَكم، وقوتَكم من الطعامِ والثمارِ وغيرِ ذلك.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال بعضُ أهلِ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ بزيعٍ، قال: ثنا النَّضْرُ (٤)، قال: ثنا جوَيبرٌ، عن الضحاكِ في قولِه: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ﴾. قال: المطرُ (٥).

حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا ابنُ يمانٍ، عن أشعثَ، عن جعفرٍ، عن سعيدِ بنِ جبيرٍ في قولِه ﷿: ﴿وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ﴾. قال: الثَّلْجُ،


(١) سقط من: الأصل.
(٢) في م، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مضغة". والبضعة القطعة من اللحم. اللسان (ب ض ع).
(٣) ذكره القرطبي في تفسيره ١٧/ ٤٠.
(٤) بعده في الأصل: "بن خلد". ينظر تهذيب الكمال ٢٥/ ٤٥٣.
(٥) أخرجه أبو الشيخ في العظمة (٧٤٦) من طريق جويبر به