للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ﴾. قال: الجوعُ (١).

وقال آخرون: بل عُنِي به المصائبُ التي تصيبُهم في الدُّنيا؛ من ذهابِ الأموالِ والأولادِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ﴾. قال: دونَ الآخرةِ، في هذه الدنيا؛ ما يُعذِّبُهم به من ذهابِ الأموالِ والأولادِ. قال: فهي للمؤمنين أجرٌ وثوابٌ عندَ اللَّهِ غدًا (٢) بمصائبِهم (٣) ومصائبُ هؤلاء عجَّلَهم (٤) اللَّهُ إيَّاها في الدنيا. وقرَأ: ﴿فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ﴾ إلى آخرِ الآيةِ (٥) [التوبة: ٥٥].

والصوابُ من القولِ في ذلك عندي أن يُقالَ: إن اللَّه تعالى ذِكرُه أخبرَ أن للذين ظلَموا أنفسهم بكفرِهم به، عذابًا دونَ يومِهم الذي فيه يُصْعَقون، وذلك يومُ القيامةِ، فعذابُ القبرِ دونَ يومِ القيامةِ؛ لأنه في البرزَخِ، والجوعُ الذي أصاب كفارَ قريشٍ، والمصائبُ التي تصيبُهم في أنفسِهم وأموالِهم وأولادِهم - دونَ يومِ القيامةِ، ولم يخصُصِ اللَّهُ نوعًا من ذلك أنه لهم دونَ يومِ القيامةِ دونَ نوعٍ، بل عمَّ فقال: ﴿وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ﴾. فكلُّ ذلك لهم عذابٌ، وذلك لهم دونَ يومِ


(١) تفسير مجاهد ص ٦٢٤، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٢٠ إلى ابن المنذر.
(٢) في ص، م، ت ١: "عدا".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مصائبهم".
(٤) في الأصل: "عجلها".
(٥) ذكرُه القرطبي في تفسيره ١٧/ ٧٨، وأبو حيان في البحر المحيط ٨/ ١٥٣ عن ابن زيد مختصرًا.