للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان يَحْتمِل على هذا التأويلِ أن يكونَ المُضمرُ مِن القولِ لإسماعيلَ خاصةً دونَ إبراهيمَ، ولإبراهيمَ خاصةً دونَ إسماعيلَ، لولا ما عليه عامةُ أَهلِ التأويلِ مِن أن المُضمرَ مِن القولِ [في ذلك] (١) لإبراهيمَ وإسماعيلَ جميعًا.

وأما على التأويلِ الذى رُوِىَ عن علىٍّ -أن إبراهيمَ هو الذى رفَع القواعدَ دونَ إسماعيلَ- فلا يجوزُ أن يكونَ المضمرُ مِن القولِ عندَ ذلك إلا لإسماعيلَ خاصةً.

والصوابُ مِن القولِ عندَنا في ذلك أن المُضمرَ مِن القولِ لإبراهيمَ وإسماعيلَ، وأن قواعدَ البيتِ رفَعها إبراهيمُ وإسماعيلُ جميعًا، وذلك أن إبراهيمَ وإسماعيلَ إن كانا هما بنياها (٢) ورفعاها، فهو ما قلنا. وإن كان إبراهيمُ تَفرَّد ببنائِها، وكان إسماعيلُ يُناولُه أحجارَها (٣)، فهما أيضًا رفعاها، لأن رفعَها كان بهما؛ مِن أحدِهما البناءُ، ومِن الآخرِ نقلُ الحجارةِ إليها ومعونةُ وَضْعِ الأحجارِ مواضعَها. ولا تَمْتنِعُ العربُ مِن إضافةِ (٤) البناءِ إلى مَن كان بسببِه البناءُ ومَعونتِه. وإنما قلنا ما قلنا مِن ذلك لإجماعِ جميعِ أهلِ التأويلِ على أن إسماعيلَ معنىٌّ بالخبرِ الذى أخْبَر اللهُ عنه وعن أبيه أنهما كانا يقولانه، وذلك قولُهما: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ فمعْلُومٌ أن إسماعيلَ لم يَكُنْ ليقولَ ذلك إلا وهو إما رجلٌ كاملٌ، وإما غلامٌ قد فَهِم مواضعَ الضُّرِّ مِن النفعِ، ولزِمَته فرائضُ اللهِ وأحكامُه. وإذا كان [ذلك أمرَه] (١) في حالِ بناءِ أبيه ما أمَره اللهُ ببنائِه ورفعِه قواعدَ بيتِ اللهِ (٥) -


(١) سقط من: م.
(٢) في م: "بنياهما".
(٣) سقط من: م.
(٤) في م: "نسبة".
(٥) بعده في م: "كذلك".