للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلُّ شيءٍ [في القرآنِ] (١) مكتوبٌ بالتاءِ (٢) فإنما (٣) تَقِفُ عليه بالتاء، نحوَ: ﴿بِنِعْمَتِ رَبِّكَ﴾ [الطور: ٢٩]، و ﴿شَجَرَتَ الزَّقُّومِ﴾ [الدخان: ٤٣].

وكان بعضُ نحويِّي الكوفةِ (٤) يَقِفُ على ﴿اللَّاتَ﴾ بالهاءِ: (أفَرأيْتُمُ اللاه).

وكان غيرُه منهم يقولُ: الاختيارُ في كلِّ ما لم يُضَفْ أن يكونَ بالهاءِ: ﴿رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي﴾ [الكهف: ٩٨]. ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ﴾ [المؤمنون: ٢٠]. وما كان مضافًا فجائزٌ بالهاءِ والتاءِ، فالتاءُ للإضافةِ، والهاءُ لأنه يُفْرَدُ ويُوقَفُ عليه دونَ الثاني.

وهذا القولُ الثالثُ أَقْيَسُ (٥) اللغاتِ، وأكثرُها في العربِ، وإن كان للأخرى وجهٌ معروفٌ. وكان بعضُ أهلِ المعرفةِ بكلامِ العربِ مِن أهلِ البصرةِ (٦) يقولُ: اللاتُ والعزَّى ومناةُ الثالثةُ أصنامٌ مِن حجارةٍ، كانت في جوفِ (٧) الكعبةِ يَعْبُدونها.

وقولُه: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى﴾. يقولُ: أتَزْعُمون أن لكم الذكرَ الذي تَرْضَوْنه، وللَّهِ الأُنثى التي لا تَرْضَوْنها لأنفسِكم، ﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾. يقولُ جلَّ ثناؤُه: قِسْمتُكم هذه قسمةٌ جائزةٌ غيرُ مستويةٍ، ناقصةٌ غيرُ تامةٍ؛ لأنكم جعَلْتُم لربِّكم من الولدِ ما تَكْرَهون لأنفسِكم، وآثَرْتُم أنفسَكم بما تَرْضَوْنه. والعربُ تقولُ: ضِزْتُه حقَّه. بكسرِ الضادِ، وضُزْتُه، بضمِّها، فأنا أَضِيزُه، وأَضُوزُه. وذلك إذا نقَصْتَه حقَّه ومَنَعْتَه.


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بالهاء".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فإنها".
(٤) هو الكسائي، كما في معاني القرآن للفراء ٣/ ٩٧.
(٥) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "أفشى".
(٦) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن ٢/ ٢٣٦.
(٧) في الأصل: "وجوه".