للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤمنون.

وقولُه: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ﴾. يقولُ: الذين يَبْعُدون (١) عن كبائرِ الإثمِ التي نهَى اللَّهُ عنها وحرَّمها عليهم فلا يقرَبونها. وذلك الشركُ باللَّهِ، وما قد بيَّناه في قولِه: ﴿إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ﴾ [النساء: ٣١].

وقولُه: ﴿وَالْفَوَاحِشَ﴾. وهي الزِّنى وما أشبَهه مما أوجَب اللَّهُ فيه حدًّا.

وقولُه: ﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾. اختلَف أهلُ التأويلِ في معنى: ﴿إِلَّا﴾ في هذا الموضعِ؛ فقال بعضُهم: هي بمعنى الاستثناءِ المنقطعِ. وقالوا: معنى الكلامِ: الذين يَجتَنِبُون كبائرَ الإثمِ والفواحشَ، إلا اللَّمَمَ الذي ألمُّوا به من الإثمِ والفواحشِ في الجاهليةِ قبلَ الإسلامِ، فإن اللَّهَ قد عفا لهم عنه، فلا يُؤاخِذُهم به.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾. يقولُ: إلا ما قد سلَف (٢).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ﴾. قال: قال (٣) المشركون: إنما كانوا بالأمسِ يَعْمَلون معنا. فأنزَل اللَّهُ ﷿: ﴿إِلَّا اللَّمَمَ﴾: ما كان منهم


(١) في م: "يبتعدون".
(٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٢٧ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) سقط من: م.