للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عطاءُ (١) بنُ السائبِ، عن أبي عبدِ الرحمنِ السُّلَميِّ، قال: نَزَلْنا المدائنَ، فكنا منها على فَرْسَخٍ (٢)، فجاءتِ الجمعةُ، فحضَر أبي، وحضَرْتُ معه، فخطَبَنا حذيفةُ، فقال: ألا إن اللهَ يقولُ: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾. ألا وإن الساعةَ قد اقْتَرَبَت، ألا وإن القمرَ قد انشَقَّ، ألا وإن الدنيا قد آذَنَت بفِراقٍ، ألا وإن اليومَ المِضْمارَ وغدًا السباقَ. فقلتُ لأبي: أَيَسْتَبِقُ الناسُ غدًا؟ فقال: يا بُنيَّ، إنك لجَاهلٌ، إنما هو السباقُ بالأعمالِ. ثم جاءتِ الجمعةُ الأخرى، فحَضَرْنا، فخطَب حذيفةُ، فقال: ألا إن اللهَ يقولُ: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾. ألا وإن الساعةَ قد اقْتَرَبَت، ألا وإن القمرَ قد انْشَقَّ، ألا وإن الدنيا قد آذَنَت بفراقٍ، ألا وإن اليومَ المِضْمارَ وغدًا السباقَ، ألا وإن الغايةَ النارُ، والسابقَ مَن سبَق إلى الجنةِ (٣).

حدَّثنا ابنُ المثنى، قال: ثنا محمدُ بنُ جعفرٍ، قال: ثنا شعبةُ، عن عطاءِ بنِ السائبِ، عن أبي عبدِ الرحمنِ، قال: كنتُ مع أبي بالمدائنِ. قال: فخطَب أميرُهم، وكان عطاءٌ يَرَى (٤) أنه حذيفةُ، فقال في هذه الآيةِ: ﴿اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ﴾: قد اقْتَرَبَت الساعةُ وانْشَقَّ القمرُ، قد اقتَرَبَت الساعةُ وانشَقَّ القمرُ، اليومَ المِضْمارُ، وغدًا السباقُ، والسابقُ مَن سبَق إلى الجنةِ، والغايةُ النارُ. قال: فقلتُ لأبي: غدًا السباقُ؟ قال: فأخْبَره (٥).


(١) في الأصل: "عمر".
(٢) الفرسخ: مقياس قديم من مقاييس الطول بقدر بثلاثة أميال. الوسيط (فرسخ).
(٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٧/ ٤٤٧ عن المصنف، وأخرجه ابن أبي شيبة ٢/ ١١٥ عن ابن علية به مختصرًا جدًّا، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه (٥٢٨٥)، وابن أبي شيبة ١٣/ ٣٧٨، والطحاوي في مشكل الآثار (٧٠٦، ٧٠٧)، وأبو نعيم في الحلية ١/ ٢٨٠، ٢٨١، من طريق عطاء به نحوه مختصرًا، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٣٤ إلى عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن مردويه بنحوه مختصرًا.
(٤) في م: "يروى".
(٥) في الأصل: "فأسره".