للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صالحًا، ويُصَدِّقونه بما دعاهم إليه (١)، من توحيدِ اللهِ [إذا أرْسَل الناقةَ، أم] (٢) يُكذِّبونه ويَكْفرُون باللهِ؟!

وقولُه: ﴿فَارْتَقِبْهُمْ﴾. يقولُ: قال اللهُ لصالحٍ: إنا مُرْسِلو الناقةِ فتنةً لهم، فانْتَظِرْهم، وتبَصَّرْ ما هم صانعوه بها، ﴿وَاصْطَبِرْ﴾. يقولُ له: فاصبِرْ على ارتقابِهم، [فاصبِرْ على ارتِقابِهم] (٣)، ولا تعجَلْ، وانتظِرْ ما يصنَعون بناقةِ اللهِ ﷿.

وقيل: ﴿وَاصْطَبِرْ﴾. وأصلُ الطاءِ تاءٌ، فجُعِلَت طاءً، وإنما هو "افْتَعِلْ" مِن الصبرِ.

وقولُه: ﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وأخْبِرْهم أن الماءَ قسمةٌ بينَهم يومَ غِبِّ الناقةِ (٤). وذلك أنها كانت تَرِدُ الماءَ يومًا وتَغِبُّ يومًا، فقال جلَّ وعز لصالحٍ: أخْبِرْ قومَك مِن ثمودَ أن الماءَ يومَ غِبِّ الناقةِ قسمةٌ بينَهم. فكانوا يَقْتَسِمون ذلك يومَ غِبِّها، فيَشْرَبون منه ذلك اليومَ، ويَتَزَوَّدون فيه منه ليومِ وُرودِها.

وقد وجَّه تأويلَ ذلك قومٌ إلى أن الماءَ قسمةٌ بينَهم وبينَ الناقةِ؛ يومًا لهم ويومًا لها، وأنه إنما قيل: ﴿بَيْنَهُمْ﴾. والمعنى ما ذكَرْتُه عندَهم؛ لأن العربَ إذا أرادت الخبرَ عن فعلِ جماعةِ بني آدمَ مُخْتَلِطًا بهم البهائمُ، جعَلوا الفعلَ خارجًا مخرجَ فعلِ


(١) في الأصل: "إلى الله".
(٢) في الأصل: "إذا أرسل الناقة آية".
(٣) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٤) يوم غبها: اليوم الذي لا تشرب فيه. وينظر التاج (غ ب ب).