للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ضيفِه، طمَس اللَّهُ أعينَهم، فكان يَنْهاهم عن عملِهم الخبيثِ الذي كانوا يَعْمَلون، فقالوا له: إنا لا نَتْرُكُ عملَنا، فإياك أن تُنْزِلَ أحدًا أو تُضِيفَه، أو تَدَعَه يَنْزِلُ عليك، فإنا لا [نَدَعُه بَتَّةً] (١)، ولا نَتْرُكُ عملَنا. قال: فلما جاءه المُرْسَلون، خرَجَت امرأتُه الشقيَّةُ مِن الشَّقِّ، فأتَتْهم فدعَتْهم، وقالت لهم: تعالَوْا، فإنه قد جاء قومٌ لم أرَ قومًا قطُّ أحسنَ وجوهًا، ولا أحسنَ ثيابًا، ولا أطيبَ أرْواحًا منهم. قال: فجاءوه يُهْرَعون إليه، فقال: إن هؤلاء ضيفي، فاتَّقوا اللَّهَ ولا تُخْزوني في ضيفي. قالوا: أوَ لم نَنْهَكَ عن العالَمين؟ أليس قد تقدَّمنا إليك وأعْذَرْنا فيما بينَنا وبينَك؟ قال: هؤلاء بناتي هنَّ أطهرُ لكم. فقال له جبريلُ : ما يَهُولُك مِن هؤلاء؟ قال: أما تَرَى ما يُريدون؟ فقال: إنا رُسُلُ ربِّك، لن يَصِلُوا إليك، لا تَخفْ ولا تَحْزَنْ، إنا مُنَجُّوك وأهلَك إلا امرأتَك، لتَصْنَعَنَّ هذا الأمرَ سرًّا (٢)، وليكونَنَّ فيه بلاءٌ. قال: فنشَر جبريلُ جناحًا مِن أجنحتِه، فاخْتَلَس به أبصارَهم، فطمَس أعينَهم، فجعَلوا يَجولُ (٣) بعضُهم في بعضٍ، فذلك قولُ اللَّهِ ﷿: ﴿فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ﴾.

حُدِّثْتُ عن الحسينِ، قال: سَمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: أخبَرنا عبيدٌ، قال: سَمِعْتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ﴾: جاءت الملائكةُ في صُوَرِ الرجالِ، وكذلك كانت تَجِيءُ، فرآهم قومُ لوطٍ حينَ دخَلوا القريةَ. وقيل لهم (٤): نزَلوا بلوطٍ. فأقْبَلوا يُرِيدُونهم، فتلَقَّاهم لوطٌ يُناشِدُهم اللَّهَ ألَّا (٥) يُخْزُوه في ضيفِه،


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "نتركه".
(٢) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "شرا".
(٣) في الأصل، ص: "يحول"، وفي ت ٢: "يجور". قال ابن الأثير: يقال: جال واجتال: إذا ذهب وجاء، ومنه الجولان في الحرب، واجتال الشيءَ إذا ذهب به وساقه. والجائل: الزائل عن مكانه. ورُويَ بالحاء المهملة، والمشهور بالجيم. النهاية ١/ ٣١٧، ٤٦٣.
(٤) في م: "إنهم".
(٥) في الأصل، ص، ت ١: "أن".