للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكلامِ عليه مِن ذكرِه.

فإن قال قائلٌ: وكيف [يُذاقُ مَسُّ سَقَرَ، أَوَ لَه طعمٌ فيُذاقَ] (١)؟ فإن ذلك مختلَفٌ فيه؛ فقال بعضُهم: قيل ذلك كذلك على مجازِ الكلامِ، كما يقالُ: كيف وجَدْتَ طعمَ الضربِ؟ وهو مجازٌ. وقال آخرون: ذلك كما يقالُ: وجَدْتُ مسَّ الحُمَّى. يُرادُ به أولُ ما نالني منها، وكذلك يقالُ: وجَدْتُ طعمَ عفوِك (٢).

وأما "سَقَرُ" فإنها اسمُ بابٍ مِن أبوابِ جهنمَ، وتُرِك إجراؤُها لأنها اسمٌ لمؤنثٍ معرفةٍ.

وقولُه: ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إنا خلَقْنا كلَّ شيءٍ بمقدارٍ قدَّرْناه وقضَيْناه. وفي هذا بيانٌ أن اللَّهَ ﷿ توعَّد هؤلاء المجرمين على تكذيبِهم بالقَدَرِ (٣) مع كفرِهم به (٤).

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونُسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: ثنا هشامُ بنُ سعدٍ، عن أبي ثابتٍ، عن إبراهيمَ بنِ محمدٍ، عن أبيه، عن ابنِ عباسٍ أنه كان يقولُ: إني أَجِدُ في كتابِ اللَّهِ - جل وعز - قومًا يُسْحَبون في النارِ على وجوهِهم، يقالُ لهم: ﴿ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ﴾. لأنهم كانوا يُكَذِّبون بالقَدَرِ، وإني لا أراهم، فلا أَدْرِي أشيءٌ كان قبلَنا، أم شيءٌ فيما بقِي (٥)؟


(١) في الأصل: "يذاقوا مس سقر ولا طعم فيذاقوا".
(٢) بعده في الأصل: "اسرارها".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "في القدر".
(٤) سقط من: الأصل.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٣٨ إلى المصنف.